كوردستان تي في
في السنوات الأخيرة يلاحظ تنامي ظاهرة الكتابة عن وقائع وأحداث تاريخية وقعت منذ زمن بعيد ضمن قالب سردي أو ما يعرف بالرواية التاريخية، ويرى البعض أن هذه تنامي هذه الظاهرة وفي هذا الوقت بالذات هي محاولة جديدة لإسقاط صورة الماضي على صورة الحاضر أو بمعنى آخر إعادة تشكيل صورة للماضي ووضعها في مقارنة دائمة مع صورة الحاضر وما يجري فيها من مأساة.
من خلال ثلاثية روائية تقدم الدكتورة ريم بسيوني رواية تاريخية بعنوان الحلواني (ثلاثية الفاطميين)، الرواية تتحدث عن مصر وأهلها وما حدث لهم في ظل حكم جوهر الصقلي وبدر الجمالي ، وصلاح الدين الأيوبي. وكيف عاش الناس هناك العديد من الأحداث من خلال الشخصيات الرئيسة وهي سندس وجوهر بن حسين الصقلي في الرواية الأولى، وفيرون وبدر الجمالى في الرواية الثانية، ورشيدة وإبراهيم الصقلي في الرواية الثالثة لنبحر في عالم الأحداث على مدار قرنين من الزمان، وندرك كيف تلاطمت أمواج السياسة، بالدين، بالحب هناك.
عن الرواية وأحداثها وشخصياتها، أجرينا هذا الحوار مع الدكتورة ريم بسيوني حول رواية الحلواني (ثلاثية الفاطميين):
ثلاثية الفاطميين وثلاثية ابن طولون وثلاثية المماليك، هل من الممكن القول إن ريم بسيوني كاتبة ثلاثيات تاريخية؟
الحقيقة فكرة كتابة ثلاثيات تاريخية جاءت بالصدفة بعد زيارة قمت بها الى مسجد ومدرسة السلطان حسن في القاهرة تولد لدي دافع لمعرفة العصر المملوكي في مصر وهذا الدافع جعلني اقراء للعصور الاسلامية في مصر بالاعمتاد على المؤرخين القدامى الذي كتبوا وأرخو لتلك الفترة بالذات ما جعلني افكر بكتابة عمل روائي عن مصر وعن الحكام الذين حكموا مصر في هذه العصور الاسلامية.
كيف تولدت الفكرة؟
بدأت الفكرة برواية اولاد الناس (ثلاثية المماليك) والتي لم اكن انوي ان اجعل منها ثلاثية، فقط جزء واحد لكن وجدت نفسي في حالة تدفق مستمر في الكتابة وشعور روادني بأن الرواية لم تنتهي بالفعل بعد ذلك وجدت ان الكتابة عن اي من العصور من العصور على الاقل بحاجة الى ثلاث اجزاء كبداية لهذا العصر كيف بدأ وماحصل في هذا العصر وماهي انجازاته وبعد ذلك كيف انتهى هذا العصر لذلك كتبت عن ثلاثة عصور وهي العصر المملوكي والعصر الطولوني والعصر الفاطمي، عندما ثلاثيات روائية عن هذه العصر.
هل تولدت لديك مخاوف من تكرار فكرة كتابة ثلاثيات تاريخية؟
في الحقيقة كان لدي تخوف من فكرة كتابة ثلاثيات تاريخية انما فكرة الرواية نفسها كانت طاغية على على نفسي لذلك اكتب ما اشعر فيه والحمد لله تقبل القراء فكرة الثلاثيات.
من علم اللغويات إلى فن الرواية ما الذي دفعك نحو السرد؟
بدأت كتابة الرواية وأنا في سن 12 سنة وكنت أرغب أن أكون روائية أكثر من أي شيئا آخر وارتقيت السلم التعليمي والجامعي لتسهيل طريقي في عالم كتابة الرواية وكانت الرواية هي كل حياتي بعد ذلك توقفت عن الكتابة فترات بسبب انشغالي للحصول على شهادة الدكتوراه، بعد ذلك كتبت خمس روايات توقفت بعدها مدة سبع سنوات لأنني استشعرت فقرا في التدفق الإبداعي، وبالمجمل لدي مراحل توقف عن كتابة الرواية رغم أنني حصلت على جائزتين وقمت بترجمة ثلاث روايات بعد ذلك التوقف عدت بخمس روايات جديدة منها أربع روايات تاريخية ومنها ثلاث روايات خرجت على شكل ثلاثيات، بالنسبة لي أجد أن علم اللغة الاجتماعي له علاقة كبيرة بالكتابة لأنه يبحث في اللغة وبالنسبة لي فأنا لدي حساسية كبيرة جدا فيما يخص اللغة والتاريخ وعلاقة اللغة بالتاريخ.
كمْ استغرقت كتابة ثلاثية الفاطميين؟
ثلاثية الفاطميين وثلاثية القطائع وثلاثية المماليك أخذت مني جميعها سبع سنوات، لأن كتابة هكذا أعمال تكون على أجزاء مختلفة فيها الكتابة التي تعتمد على التدفق الإبداعي وهناك كتابة البحث لأن الكتاب بحاجة إلى بحث علمي قبل الشروع بالكتابة وبحاجة لمراجعة مسودات الرواية وهذا بالمجمل يأخذ وقتا طويلا جداً.
الصعوبات التي واجهتك أثناء رحلة بناء النص؟
أكثر صعوبات واجهتني هي القراءة عن تفاصيل التاريخ، تفاصيل الحياة اليومية للناس، وصف المكان، دراسة الشخصيات المتناقضة التي تجمع الخير والشر الطمع والتدين والاكتفاء والفقر، ربما كانت من أكثر الصعوبات التي واجهتها لدى كتابة هذا العمل وأخذت مني وقتا طويلا وتفكيرا كبيرا جدا.
ماهي النسبة بين الواقع والمتخيل في الفاطميين؟
طبعا هناك واقع ومتخيل، أي وجود تاريخ وإبداع للكاتب وخيال لكن النسبة بين هذا وذاك حقيقة لا أعلم لأن جميع الأحداث التي أكتبها أشعر أنها حقيقة لأني تقمصت شخصياتها وعشت أحداثها.
لماذا اخترت الحلوی لتكون الرابط الرئيسي بين الأحداث؟
الحلوى مهمة جدا بالنسبة للمصريين قديما وحديثا، الحلوى هي الشيء الوحيد الذي يستعمله المصريون في جميع المناسبات سواء في الأعياد أو المناسبات الدينية أو في مناسبات الزواج أو الولادات الجديدة، وتعتبر عادة اجتماعية وكذلك فإن صنع الحلوى يعتبر نوعا من أنواع الإبداع وايضا فإن الفاطميين قد ادخلوا إلى مصر أنواعا من الحلوى مثل حلوى القطايف وقاموا بتطوير أنوع آخر مثل الكنافة وقاموا بإدخال أنواع جديدة مثل حلوى عروس المولد وحصان المولد وهذه الحلوى معروفة جدا في مصر خصوصا في مناسبات المولد النبوي الشريف ولا زالت تصنعا حتى يومنا هذا وتعتبر عادة فاطمية مهمة جدا جدا.
ألاحداث شابها القتل ورائحة الدم في الحقيقة هل كان للعنف نصيب بين احداث ذلك العصر؟
بالطبع كان للعنف السمى الأبرز في العصور الوسطى وليس صحيحا أن أكتب عن العصور الوسطى بمعزل عن العنف المصاحب لهذه العصور وطرق السجن والتعذيب، والحياة عامة كان فيها بعض الخشونة والشدة لكنني حاولت أن أعبر عنها بطريقة لا تصدم القارئ إلى حد ما ولا تكون صعبة عليه.
بدأت أعمالك الروائية أخذ منحى تاريخيا ما السبب؟
بالنسبة لي منحنى التاريخ أفق واسع للتجريب في الرواية ووجدت فيه التحرر، في الروايات المعاصرة التي كتبتها كنت أشعر بأنني محدودة في طريقة كتابتي ولم أكن أملك الجرأة أن أكتب عن ساحرة أو عن مواضيع لست متأكدة أن كانت قد تحصل في الواقع أم لا لكن في التاريخ تغير الامر وبدأت اخوض في مواضيع شبه أسطورية كما في رواية سبيل الغارق والشاطر حسن وعلاقة الشاطر حسن بحسن المولود في القرن التاسع عشر أو عن ساحرة الهرم الموجودة ضمن الأحداث الواردة في رواية القطائع ورواية الحلواني وهي شخصية محورية جدا ومهمة وشخصية إلى حد ما شبه أسطورية تصارع كل الأزمنة، فكرة الشخصيات الشبه أسطورية انها تأخذ حيز شبه كبير في الرواية.
ريم بسيوني في سطور:
روائية مصرية، تخرجت في جامعة الإسكندرية من قسم اللغة الإنجليزية.
حاصلة على الماجستير والدكتوراة من جامعة أكسفورد في بريطانيا في علم اللغويات.
صدرت لها 8 روايات حتى الآن.
نالت جائزة ساويرس الأدبية وذلك عن روايتها الدكتورة هناء.
كما حصلت أيضًا على جائزة أحسن عملا مترجما وذلك في الولايات المتحدة الأمريكية عن روايتها بائع الفستق.
ثم حصلت روايتها أولاد الناس – ثلاثية المماليك على جائزة نجيب محفوظ للأدب وذلك من المجلس الأعلى للثقافة.
إعداد: راميار فارس الهركي
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات