كوردستان تي في
دعا رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، اليوم السبت (8 نيسان 2023)، زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى أن يبادر بفتح باب حوار جديد مع الأطراف والقيادات السياسية كافة، من أجل ترسيخ النظام السياسي وتعزيز الحركة الإصلاحية والحلول العراقية داخل العراق.
وشارك نيجيرفان بارزاني في بغداد مساء اليوم السبت في مراسم الذكرى الثالثة والاربعين لاستشهاد السيد محمد باقر الصدر التي شارك فيها كل من رئيس الوزراء وعدد من الوزراء والمسؤولين في حكومة العراق الاتحادية ومسؤولي الاطراف السياسية العراقية.
وقدم نيجيرفان بارزاني كلمة، هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الحضور الكرام…
نستذكر معاً اليوم وفي هذه المراسم جريمة كبرى لنظام البعث اقترفت بحق زعيم كبير للمقاومة وعالم جليل في العالم الإسلامي الشهيد السيد محمد باقر الصدر، وكذلك بحق شقيقته الفاضلة الشهيدة آمنة الصدر المعروفة ببنت الهدى.
واذ نحتفي اليوم بالذكرى الثالث والاربعين على هذه الجريمة الشنعاء، نعبر عن عميق مواساتنا احترامنا للسيد نوري المالكي، الأمين العام ولجماهير حزب الدعوة وعائلة الصدر الكريمة وللشعب العراقي كافة.
واسمحوا لي أيضاً أن أنقل محبة واحترام سيادة الرئيس مسعود بارزاني في ذكرى شهادة الإمام محمد باقر الصدر وللاخوة في قيادة وقاعدة حزب الدعوة ولعائلة الصدر والشعب العراقي.
السيدات والسادة الكرام..
إنها لَعبرةٌ من ربِّ العالمين ومن التاريخ، حيث في اليوم الذي استشهد فيه الصدر على يد النظام، هو نفس اليوم، بعد ثلاثة وعشرين عاماً الذي تعرض هذا النظام للسقوط والانهيار.
كان الإمام الشهيد محمد باقر الصدر، مفكراً وعالِماً كبيراً، ولذلك لم يكن استشهادُه استشهادَ رجل فحسب، بل كان استشهاداً لمرجع وعالم كان بمقدوره أن يمنح شعبه والعالم الإسلامي المزيد من النتاجات الثَّرة والعظيمة.
عندما نمعن النظر في حياة الشهيد، نرى أنه ومنذ صغره كان شخصاً متمكناً، بل كان علمه سابقاً لعمره. كان الشهيد ينهي دروسه وكتبه وعلومه قبل الوقت المحدد لها بكثير، وكان يثير أسئلة ونقاشات علمية عميقة وجديدة. كانت مؤلفاته في مجالات الفقه، الاقتصاد، السياسة والمجالات الأخرى، تعد إبداعات كبيرة في زمنه، ولا زالت تعدُّ من المصادرَ المهمة.
كان الشهيد محمد باقر الصدر، معارضاً لحزب البعث، لأن النظام البعثي كان يضطهد الشعب وصار مبعثاً للحرب والمآسي للعراق، ولذلك أنشأ المبادىء الحركية والفكرية لحركة المقاومة السياسية الشيعية في العراق.
وكذلك الشهيدة بنت الهدى كانت شخصية علمية مرموقة. كانت شغوفة بالتعليم والفكر، لذلك استطاعت أن تتجاوز الصعاب كامراة متمكنة. وقد خصصت جلَّ وقتها للقراءة والكتابة وليها عدة مؤلَّفات مهمة. وفي الوقت نفسه كانت امراة شجاعة جداً، لم تكن مستعدة لأن ترضخ بأي شكل من الأشكال لظلم النظام وقمعه، كما كانت منظِّمةً كبيرة لمقارعة ظلم النظام ضد المرجعية العليا وضد الشعب.
أيها الحضور الكرام..
كانت هناك علاقة قديمة وقوية بين عائلة بارزان والمرجعية، وكذلك بين الحركة التحررية لكوردستان وبين النجف الاشرف. والدي المرحوم إدريس بارزاني، زار المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم في النجف بأمر من زعيم ثورة كوردستان المرحوم ملا مصطفى بارزاني.
وكان للرئيس مسعود بارزاني علاقة دائمة مع المرجعية في النجف الاشرف. ونتيجة لاطلاع المرحوم السيد محسن الحكيم على الظلم الذي اقتُرِف بحق الكورد، أصدر فتواه بتحريم الحرب على بيشمركة ثورة أيلول.
وعقب اندلاع الحرب من جديد بين النظام وثورة أيلول عام 1974، كان الشهيد محمد باقر الصدر، ورَدّاً على سؤال لشاب باسم (كاظم جودة): هل تجوز المشاركة في قتال الكورد؟ قال: لا تجوز، لأنهم مسلمون.
عام 1969 أُرسِل عدد من الطلبة الكورد من قبل المرحوم ملا مصطفى بارزاني إلى النجف، للمشاركة في أربعينية الإمام حسين (ع)، وكان الدكتور فؤاد حسين، الذي يجلس معنا هنا اليوم، أحدَ أولئك الطلبة. وبعد إلقاء كلمة البارزاني من قبل أحد أولئك الطلبة، قال السيد محمد مهدي الحكيم للطلبة الكورد “أنتم أيضا أبناء الحسين، لأنكم مثلنا تتعرضون للظلم وتقاومون”.
اذ عندما كان الظلم والمقاومة يجمعاننا بالأمس، فعلينا أن نكون اليوم معاً للقضاء على المحرومية والمشاكل كافة.
أيها الحضور الأكارم…
أود اليوم أيضا أن أعيد إلى الأذهان أن حزب الدعوة والقيادة الكوردية كانا في ستينيات القرن الماضي، عمودين رئيسين للنضال ضد الظلم والقمع. وكان هنالك نضالٌ مشتركٌ وعملٌ تضامنيٌّ كبيرٌ بين الجانبين. في أحيان كثيرة كان البيشمركة والمقاتلون وأعضاء الحزبين يجتمعون معا. كانوا معاً في معتقلات النظام السابق. لذلك على هذين القطبين الرئيسين أن يعيدا بناء علاقات أفضل بكثير مما هي عليه. وكذلك وبالاتجاه نفسِه لا بد أن تكون علاقات حزب الدعوة مع الأحزاب الكوردستانية أقوى، لأن حزب الدعوة يعرف أكثر من غيره الظلمَ الذي تعرض له شعب كوردستان.
وفي هذه المراسم التي تعني الكثير للنضال والعمل المشترك، أطلب من الأمين العام وقادة حزب الدعوة، أن يؤدوا معاً دوراً فاعلاً في تصحيح أخطاء الماضي وحلحلة المشاكل كافة، بغية تعزيز الثقة بين مكونات شعب العراق وتقوية النظام الديمقراطي وترسيخ الفدرالية، كما ينص عليه الدستور العراقي.
السيدات والسادة الكرام..
كلنا نعلم أن عائلة الشهيد الصدر لها مكانة عظيمة بعلمائها الأجلاء وبتاريخها المشرق الطويل في العلم ومقاومة الظلم، وكذلك بمشاركتها الرئيسة والفاعلة في الحركة السياسية والمقاومة. اليوم كذلك تُعَدُّ هذه العائلة موضع ثقة مئات الآلاف من العراقيين ولها حضور جماهيري وسياسي كبيرين.
وأنتهز هذه فرصة لأطلب من السيد مقتدى الصدر، أن يبادر بفتح باب حوار جديد مع الأطراف والقيادات السياسية كافة، من أجل ترسيخ النظام السياسي وتعزيز الحركة الإصلاحية والحلول العراقية داخل العراق.
نهدي التحيات والاحترام للروح الطاهرة للشهيد السيد محمد باقر الصدر والشهيدة الطاهرة بنت الهدى وشهداء العراق كافة.
شكراً جزيلاً لكم…
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات