كوردستان تي في
بين ليلة وضحاها، انقلبت حياة سكان قرى ومدن حدودية في شمال سوريا رأساً على عقب بعدما أيقظتهم الضربات الجوية التركية من حولهم. لكن خيبتهم الأكبر سببها واشنطن، الدولة الحليفة الذي يرون أنها لم تمنع أنقرة من استهداف مناطقهم.
وبعد ليلة هزت فيها ضرباتها الجوية أجواء مدن وقرى كوباني والحسكة وريفهما ومناطق أخرى، أعلنت أنقرة صباح اليوم الأحد (20 تشرين الثاني 2022)، شن عملية عسكرية جوية ضد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تتهمها أنقرة بالتبعية لحزب العمال الكوردستاني، بعد أسبوع على اعتداء دموي في اسطنبول اتهمت كل من حزب العمال الكوردستاني وقسد في سوريا بالوقوف خلفه. ونفى الطرفان أيّ دور لهما في الاعتداء.
ففي مدينة ديريك/المالكية في أقصى كوردستان سوريا، أغلقت كافة المحال أبوابها، وخلت الشوارع من السكان، بعد غارات عنيفة استهدفت قرى في محيطها أوقعت العدد الأكبر من القتلى والجرحى وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أفاد عن مقتل 11 عنصراً من قوات سوريا الديموقراطية وعشرة من قوات النظام السوري في الضربات. وأكدت دمشق مقتل عناصر من قواتها من دون تحديد عددهم.
وقال محمّد رجب (65 عاماً) النازح من عفرين التي سيطرت عليها القوات التركية قبل أربع سنوات، "يتملكنا الخوف لأننا مرينا بالتجربة ذاتها، والآن نستعيد الخوف ذاته مع سماع أصوات تحليق الطائرات وضرباتها".
وأضاف "إلى أين نذهب؟ لم يعد هناك من مكان نذهب إليه، سلمنا أمورنا إلى الله"، وفق ما نقلت فرانس برس.
ومنذ 2016، شنت أنقرة ثلاث عمليات عسكرية استهدفت المناطق الكوردستانية في سوريا، وسيطرت في العام 2018 على عفرين، ما دفع بعدد كبير من السكان إلى النزوح.
ومنذ آخر هجوم لها في 2019، هددت أنقرة مراراً بشن عملية جديدة ضد (قسد)، وقد تصاعدت تهديداتها في وقت سابق العام الحالي.
وقالت عبير محمّد، صاحبة محل حلويات من ديريك ، "في كل مرة تتعالى فيها التهديدات، ينتابنا الخوف ولا نتمكن من النوم، وتموت الحركة في المدينة".
وأضافت "نفكر بالمغادرة لكن لمن نترك منازلنا، ليس بمقدورنا أن نفعل أي شيء سوى أن نخاف على أطفالنا".
لم تشهد شوارع ديريك أي حركة فعلية الأحد سوى تظاهرة شارك فيها عشرات صباحاً للتنديد بالهجوم الجوي التركي، لكن أيضاً بما وصفه متظاهرون بـ"تخلي" واشنطن عنهم.
وقال علي عبدالله (62 عاماً) "أميركا شريكة في هذا القصف، وإلا لكانت منعت تركيا".
وهتف متظاهرون، وفق مراسل فرانس برس، "الموت لأميركا" في شعار لا يُسمع عادة في منطقة تنتشر فيها القوات الأميركية ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها الكورد حليفتهم واشنطن بالتخلي عنهم، إذ أنهم اعتبروا أنها منحت أنقرة في العام 2019 الضوء الأخضر لشن العملية العسكرية الثالثة ضدهم، والتي سيطرت خلالها على شريط حدودي بطول 120 كيلومتراً بين مدينتي كري سبي/تل أبيض وسري كانييه/رأس العين.
ومن مدينة كوباني، قال بوزان أحمد لوكالة "فرانس برس" عبر الهاتف "نخاف على أطفالنا وأسرنا. لا نعرف إلى أين نذهب، هناك من اختبأ في ملاجئ أو في أقبية الأبنية، وآخرون فروا إلى قرى في الريف".
وأضاف "هناك حالة خوف كبيرة بين المدنيين، ولا نعلم ما إذا كان القصف سيستمر أكثر أو لا، لم نعد نفهم شيئاً. ماذا يجدر بنا أن نفعل؟".
وفي كوباني، أغلقت العديد من المحال والمدارس أبوابها، وفق سكان تحدثوا عن مدينة باتت الحركة فيها ضعيفة.
وترتدي مدينة كوباني طابعا رمزياً مهمّا لدى وحدات حماية الشعب التي كانت أوّل من تصدّت لتنظيم داعش وخاضت ضدّه عام 2014 معركة للدفاع عن هذه المدينة الحدوديّة مع تركيا، وتلقّت خلالها للمرة الأولى دعماً عسكريّاً مباشراً من واشنطن.
وكتب المتحدث باسم الوحدات الكوردية نوري محمود في تغريدة إن "مدينة كوباني البطلة أوقفت تنظيم داعش الإرهابي وحمت الإنسانية، وعلى المجتمع الدولي أن يدعمها اليوم".
إلى ذلك ذهب صحفيون وناشطون كورد إلى اتهام تركيا بافتعال حادثة التفجير في إسطنبول لخلق ذرائع لنفسها للتدخل في سوريا وشن عمليات عسكرية تحت يافطة "الانتقام"، لافتين إلى أن القصف هذا ليس إلا "دعاية انتخابية دامية من الرئيس التركي".
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات