كوردستان تي في
أكد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، اليوم الخميس (28 تموز 2022)، استغرابه من "استمرار المحاولات في زج الحكومة بتفاصيل أزمات سياسية حتى بعد دخولها مرحلة تصريف الأعمال"، مطالباً "كلّ القوى السياسية بعدم إسقاط الأزمات السياسية على الحكومة وتبني منهج الحوار البنّاء ومواجهة الخلافات بروحية الحوار الوطني
وقال الكاظمي في بيان إن "الأحداث المتسارعة التي يشهدها العراق في ضوء الخلافات السياسية الحالية تمثل مؤشراً مقلقاً للاستقرار والسلم الاجتماعي اللذين عملت الحكومة على تكريسهما وتثبيتهما منذ توليها في أيار 2020".
وأضاف أن "الحكومة خطت طوال العامين الماضيين نمطاً هادئاً ووطنياً في التعاطي مع الأزمات السياسية المختلفة وقدمت المصلحة العامة على المصالح الخاصة، وركزت جهودها المهنية على حفظ أمن الناس ومصالحها، وتجنب الدخول في مهاترات سياسية".
وتابع: "ومن هذا المنطلق تعبّر الحكومة عن استغرابها لاستمرار المحاولات في زجها بتفاصيل أزمات سياسية حتى بعد دخولها مرحلة تصريف الأعمال، وإعلانها منذ اليوم التالي لإجراء الانتخابات اتخاذ كل الإجراءات لتسليم الواجب والمسؤولية للحكومة التي تتشكل وفق السياقات الدستورية".
وأشار إلى أن "الحكومة إذ تجدد مناشدة كلّ القوى السياسية بعدم إسقاط الأزمات السياسية عليها، بل تبني منهج الحوار البنّاء؛ لمعالجة الخلافات والخروج بالبلد من حالة الانسداد، فإنها تدعو الجميع إلى تفهّم الموقف الحرج والحساس الذي يقف فيه العراق اليوم، ومنع زج البلاد في أزمة أمنية أو اجتماعية وسط ظروف إقليمية ودولية معقدة".
ومضى بالقول: "إن العراق قد تمكّن من استعادة عافيته بعد معاناة وتضحيات كبيرة، ويجب على الجميع الحفاظ على ما أُنجز، ودعم الحكومة ومؤسساتها، والقوى الأمنية والعسكرية؛ للقيام بواجباتها في ضمان الاستقرار الأمني".
ولفت إلى أنه "لقد حملنا شعار الصمت وعدم الدخول في المواجهات السياسية ورفضنا الرد على الاتهامات وحملات التشويه الظالمة، وحافظنا على استقلالية الحكومة في التنافس السياسي والانتخابي من خلال عدم مشاركة رئيس الحكومة أو من يمثله في الانتخابات التي جرت في تشرين الأول 2021؛ لحماية الانتخابات من أي اتهام أو تأويل، ومع ذلك لم تتوقف ماكنة الاتهام والتضليل عن محاولة تشويه هذا الدور الوطني، والطعن بحياد الحكومة، ومصداقيتها في كل مناسبة، ومن دون أسباب موضوعية".
واختتم قائلاً إن "الحكومة تطالب الجميع بمواجهة الأزمات والخلافات بروحية الحوار الوطني تحت سقف الوطن الواحد، والتحلي بالحكمة في تفسير الأحداث، وعدم البناء على افتراضات ونظريات وظنون لا تمت إلى الحقيقة بصلة".
واقتحم مئات المتظاهرين المؤيدين للتيار الصدري الأربعاء مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء المحصنة في وسط بغداد والتي تضمّ مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، للتنديد بمرشح خصوم الصدر لرئاسة الوزراء، في استعراض جديد للقوة وسط أزمة سياسية معقّدة يعيشها العراق منذ تسعة أشهر.
وبعد نحو ساعتين من دخولهم، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في تغريدة مناصريه إلى الانسحاب، قائلاً: "ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد، وصلت رسالتكم أيها الأحبة، فقد أرعبتم الفاسدين... عودوا إلى منازلكم سالمين".
وإثر هذه الدعوة بدأ المتظاهرون على الفور الانسحاب تدريجياً من مبنى البرلمان.
ولم يتمكّن العراق من الخروج من الأزمة السياسية بعد مرور تسعة أشهر على الانتخابات البرلمانية المبكرة في تشرين الأول/أكتوبر 2021، حيث لم تفضِ المحاولات والمفاوضات للتوافق وتسمية رئيس للوزراء بين الأطراف الشيعية المهيمنة على المشهد السياسي في البلاد منذ العام 2003، إلى نتيجة.
وتمكّن المتظاهرون، المحتجون على تسمية الإطار التنسيقي خصم التيار الصدري، لمحمد السوداني كمرشحه لرئاسة الوزراء، من دخول المنطقة الخضراء وأطلقت القوات الأمنية عليهم الغاز المسيل للدموع لمنعهم من التقدّم نحو البرلمان ومع ذلك، نجح المتظاهرون في دخول مبنى البرلمان، واقتحموا قاعته الرئيسية وهم يرفعون الأعلام العراقية ويطلقون الهتافات، فيما حمل بعضهم صور مقتدى الصدر.
وإثر اقتحام المنطقة الخضراء، شدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في بيان أن على المتظاهرين "الالتزام بسلميتهم ...وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم حسب الضوابط والقوانين"، ودعاهم إلى "الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء". ودعا في بيان ثانٍ "المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من مبنى مجلس النواب".
وسمّى الإطار الذي يضم كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي، النائب الحالي والوزير والمحافظ السابق محمد شياع السوداني، المنبثق من الطبقة السياسية التقليدية، مرشحاً له.
وتعليقاً على أحداث الأربعاء، أصدر الإطار بياناً قال فيه إنه "منذ يوم أمس هناك تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي".
واعتبر أن "ما جرى اليوم من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب ...وعدم قيام القوات المعنية بواجبها يثير الشبهات بشكل كبير".
كان السوداني (52 عاماً) سابقاً في حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، أبرز الخصوم السياسيين للصدر، قبل أن يستقيل منهما حين طرح اسمه مرشحاً لرئاسة الوزراء في العام 2019. لكن المتظاهرين رفضوا ترشيحه حينها.
وغالبا ما يكون المسار السياسي معقدا وطويلا في العراق، بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة. ومن شأن أحداث الأربعاء أن تزيد من عرقلة المشهد السياسي ومضي خصوم الصدر السياسيين في عقد جلسة برلمان لانتخاب رئيس الجمهورية، ومن ثمّ تسمية رئيس الحكومة، كما يقتضي الدستور.
ودائماً ما يذكّر الصدر، اللاعب الأساسي في المشهد السياسي العراقي، خصومه بأنه لا يزال يحظى بقاعدة شعبية واسعة، ومؤثر على المشهد السياسي رغم أن تياره لم يعد ممثلاً في البرلمان. فقد استقال نواب التيار الصدري الـ73 في حزيران الماضي من البرلمان، بعدما كانوا يشغلون ككتلة، أكبر عدد من المقاعد فيه.
وتمكن الصدر من جمع مئات الآلاف منتصف تموز في صلاة جمعة موحّدة.
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات