كوردستان تي في
في غضون ايام قليلة شهد العراق حالة نكوص مؤسفة لواحد من اهم مظاهر التغيير الذي اعقب سقوط النظام البائد، والمتمثل بحرية الرأي والتعبير، اعقبها انتكاسة جديدة لهيبة الدولة وسيادة القانون.
وبعد ان كانت لغة التهديد بالسلاح والتصفية والملاحقة لأصحاب الراي تمارس همسا وتحت جنح الظلام، باتت سلوكا وعرفا سائدا ويتم التحريض عليه علنا.
تحكم قضية حرية الرأي في العراق موادا دستورية، تعد بشهادة الخبراء من ارقى ما جاء في دساتير العالم، وهي تستند الى نص المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وورد فيها أن «لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة» وأنه «لكل إنسان الحق في حرية التعبير".
واذا كانت هناك خطوط حمر محظور تجاوزها نوه اليها الدستور العراقي في ديباجته كمسلمات مقدسة، فقد كفل للقانون واجهزته حصرا معالجتها والتصدي لها.
ما حصل خلال الايام القليلة الماضية، ان بعض الآراء الفقهية التي اطلقها واعظ ديني من أحد المنابر، وكانت تسير عكس التيار، لم ترُق لآخرين الذين اعتبروها مساسا بالمقدسات، فنصَّبوا أنفسهم الخصم والحكم وحركوا الجموع بمشاعل النار، هذا على الرغم من أن مرجعية هذه الجموع الدينية والاجتماعية تركت للقانون مساحة المعالجة.
وتنتشر في مواقع الفيسبوك ووسائل الاعلام صور وافلام لعمليات حرق وتدمير طالت مساجد يمارس فيها مريدو المرجعية الدينية المخالفة للرأي التقليدي السائد عباداتهم.
وبناء على امر قضائي، وضمن دورها الطبيعي، قامت السلطات بملاحقة بعض الناشطين من اتباع هذا المرجع، الا ان هذا لم يكن كافيا من وجهة نظر الجموع الغاضبة التي تُحرك بعضها من خلف الستار ايدي معلومة الهدف، بدات تصطاد في الماء العكر.
وكانت بغداد شهدت قبل ايام قيام بعض الدهماء باستهداف احد مقرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني بسبب تفسير مغلوط متعمد لرأي أحد المواطنين الكورد، روجت بعض القوى التي تناصب العداء للاقليم زورا وبهتانا بانه يستهدف المرجعية وخلقت منه فرصة للتجاوز والاعتداء وخلط الأوراق.
وبغية سد المنافذ على المتربصين والمتصيدين الزلات، تركت حكومة الاقليم للقانون متابعة القضية لما لها من أوجه تحتمل المراجعة، وللقانون وحده حق الحكم فيها استنادا لما جاء به الدستور.
بعض الميليشيات رقصت فرحا على إيقاع الأحداث الاخيرة والانفلات الذي رافقها، فخرج من خرج من أبواقها متهددا ومتوعدا المطالبين بسيادة القانون وتسليم سلاح الميليشيات والفصائل المنفلتة الى الدولة، ولا أحد يعرف الرابط بين القضيتين.
تقرير .. كمال بدران
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات