كوردستان تي في
يشهد العراق انقساماً سياسياً ملحوظاً إزاء الموقف من الهجوم الإيراني الصاروخي على مواقع مدنية داخل مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان، لا سيما بعد تحول عمليات الاستهداف لعاصمة إقليم كوردستان من اطلاق الميليشيات الولائية المنضوية أغلبها في الحشد الشعبي في المرات السابقة إلى مباشر من قبل الحرس الثوري.
الموقف الرسمي
ونددت الخارجية العراقية في بيان لها بالهجوم، مؤكدة أنه استهدف مباني سكنية، ووصفت الهجوم بأنه "ترهيب للمدنيين وانتهاك لسيادة لعراق"، دون أن تذهب في موقفها أبعد من ذلك وسط مطالبات للحكومة الاتحادية بموقف أشد وضوحاً وأكثر عملية وردعاً لإيران التي يجمع المحللون السياسيون على أنها جعلت من العراق حديقة خلفية لقواتها عبر تسليح وتحريك أذرعها الميليشياوية وتنسحب من الموقف بالإعلان اللفظي لتأييدها لاستقرار العراق والمنطقة.
كذلك وصف المجلس الوزاري للأمن الوطني عملية الاستهداف بـ "الاعتداء على مبدأ حسن الجوار بين العراق وإيران، والعلاقة التاريخية التي تربط شعبي البلدين الجارين، فضلاً عن كونه انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية".
وبيّن المجلس أن "العراق سبق أن أعلن رفضه انتهاك سيادته واستخدام أراضيه لتصفية الحسابات بين الدول والجهات"، مشدداً على موقف العراق برفض استخدام أراضيه للاعتداء على دول الجوار.
تنديدات عراقية
أبرز المواقف العراقية التي نددت بالهجوم الإيراني كان لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي طالب حكومة الكاظمي بتقديم مذكرة إلى الأمم المتحدة واستدعاء السفير الإيراني، مطالباً طهران بعدم تحويل العراق إلى ساحة تصفية حسابات.
كذلك اتفق الصدر خلال اتصال هاتفي بينه والرئيس مسعود بارزاني على تشكيل لجنة تقصّي حقائق للوقوف على ذريعة وجود مقرّات إسرائيلية تمّ استهدافها.
كما نددت قوى سياسية عراقية أخرى بالهجوم، من بينها تحالف "السيادة" الذي أكد رئيسها النائب رعد الدهلكي، أن الصواريخ التي استهدفت محافظة أربيل انطلقت من جهة "لا تريد للعراق الأمن والأمان والاستقرار".
كما أكد النائب العراقي عن تحالف عزم، مشعان الجبوري، ان الحكومة الاتحادية "تتقاعس" في أداء واجباتها تجاه الهجمات المتكررة التي تتعرض لها مدينة أربيل بإقليم كوردستان، وذلك على الرغم من أنها "تعلم جيداً مصادر إطلاق الصواريخ، سواء كانت من داخل العراق أم خارجه، فالفاعل واحد!؟".
القصف من النيابة إلى الأصالة
في الوقت ذاته التزم "الإطار التنسيقي" الذي يضم القوى الشيعية المرتبطة والموالية لإيران بالصمت تجاه القصف الذي سبق وأن كانت تحاول بعض قواه من قبل فصيلي حزب الله العراقي وعصائب أهل الحق التنصل من الهجمات الصاروخية السابقة على مطار أربيل والتي دأبت فصائل "غير معروفة" بدقة إلا أنها لا تخفي ولائها وتأييدها للحشد وطهران بتني الضربات تلك.
تحول الهجوم من النيابة عن إيران تحت ذريعة إخراج القوات الأميركية من العراق إلى الأصالة مع تبني الحرس الثوري الإيراني لها تحت يافطة جديدة هي زعم استهداف "مركز استراتيجي إسرائيلي"، تحاول من خلالها تبرير هجومها الذي لاقى تنديداً دولياً واسعاً
قوى الإطار التي لا تترك فرصة ولا تتشدق فيها بتمسكها بالسيادة العراقية، وأنها تعتبر وجود قوات التحالف الدولي "غير شرعي" تارة وأخرى "انقاص" للسيادة، لكنها تتغافل عن الوجود والتدخل الإيراني في كل شاردة ورادة في العراق بل أن ميليشياتها الولائية تتخذها قاعدة لتهديد الجوار العربي.
لم يتمكن تحالف "الفتح" الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي" من إدانة واضحة للقصف الإيراني، لكنه في الوقت ذاته لم يستطع أن يجد له مبرراً، وذهب القيادي في التحالف علي الفتلاوي في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أنه "ينبغي إدانة القصف التركي أيضاً"، مستدركاً بالقول "لا يوجد مبرر للقصف الإيراني ولا التركي. الأتراك يقصفون داخل العراق منذ فترة طويلة، وهكذا عمليات تخرق سيادة العراق وتهدد أمن البلاد"ـ مضيفاً أن "استمرار ضعف الحكومة في المرحلة المقبلة سيحول العراق رسمياً إلى ساحة صراع دولية وإقليمية".
إلى ذلك، اعتبر المتحدث باسم "الحشد الشعبي" عن محور الشمالي علي الحسيني أن الهجوم "رد طبيعي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي قدمت شهيدين اثنين في سوريا"، على حد قوله.
وأضاف الحسيني في تصريحات صحافية ببغداد بأن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية لديها أهداف ومعلومات، وما حصل في أربيل هو رد باعتقادهم على موقع فيه وجود أميركي أو أجنبي، ومن حقهم الرد على الكيان الصهيوني في أي نقطة".
خرافة "العداء" لإسرائيل
كثيراً ما اشتعلت الحرب الإعلامية بين إسرائيل وإيران على خلفية أي حدث في المنطقة ربما لا يمس الطرفين بشكل مباشر، كما دأبت إسرائيل بتفاهم مع روسيا على قصف المواقع المتقدمة للقوات الإيرانية أو ميليشياتها في سوريا منذ سنوات بشكل شبه يومي دون رد، رغم أن التصريحات الإعلامية توحي بأن الحرب ستشتعل الآن ، لكن السياسة علمتنا أن لا نأخذ أبدا بظاهر الأمور مهما كانت مشتعلة إعلامياً.
في سياق الهجوم الإيراني الأخير ، تساءل النائب في برلمان في إقليم كوردستان، ريبوار بابكي، في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "إذا كانت إيران تعادي إسرائيل، فهناك سفارات وبعثات في دول مجاورة لإيران؟ لماذا لا تستهدفهم؟".
ولفت إلى أن "هذا يجعلنا نتأكد من أن الهجوم كان يستهدف أمن الإقليم"، واصفا مزاعم وجود مقرات للموساد في الإقليم بأنها "مبررات ضعيفة لا تقنع أحدا، والكل يعلم أن لا أصل لها، لكن إيران تحاول تبرير ما فعلته بهذا الهجوم".
خوف ميليشياوي من الرد
في الأثناء رفعت الفصائل العسكرية الموالية لإيران المنتشرة شرقي سوريا، حالة الاستنفار في صفوفها، وعمدت إلى إعادة الانتشار في مناطق تواجدها، وسط تحليق للطيران المسير التابع للتحالف الدولي في سماء المنطقة.
كما لجأت تلك الفصائل إلى تغيير مواقع ونقاط تابعة لها والتمركز في نقاط جديدة، ونقل سلاح وذخائر إلى مواقع أخرى في منطقة الشبلي والمزارع على أطراف بادية الميادين بريف دير الزور الشرقي وفي بادية معدان بريف الرقة، كذلك شملت تلك التحركات منطقة تدمر وباديتها ومناطق أخرى بريف حمص الشرقي، عبر إعادة تموضع في مواقع جديدة وإخلاء مستودعات ونقاط تابعة لها.
و كشف مسؤول عراقي في قيادة عمليات الأنبار لـ"العربي الجديد"، أن ما لا يقل عن ثلاثة مواقع تابعة لكتائب حزب الله العراقية والنجباء والإمام علي، تم إخلاؤها من العناصر في التنف والبو كمال تحسباً لأي قصف أميركي يأتي رداً على هجوم أربيل، مضيفاً أن حركة واسعة للفصائل العراقية وغير العراقية المرتبطة بإيران تشهدها المناطق الحدودية العراقية تحسباً لأي قصف جوي إثر تداعيات الهجوم على أربيل.
هذا وأعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان أن الولايات المتحدة تعمل مع الحكومة الاتحادية في العراق وحكومة إقليم كوردستان لزيادة قدراتها في مجال الدفاع الصاروخي.
ولفت مستشار الأمن القومي الأميركي إلى أن الولايات المتحدة تعمل على تحديد هدف الهجوم الإيراني، مضيفاً: من الواضح تماما أننا سنفعل كل ما سيكون لازما للدفاع عن مواطنينا ومصالحنا وحلفائنا.
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات