أربيل 15°C الأحد 30 حزيران 09:45

نيجيرفان بارزاني: القيادة السياسية في كوردستان قبل سقوط النظام السابق بذلت جهوداً كبيرة لبناء عراق جديد

سيؤدي غياب الخدمات والمشاركة في الإدارة بشكل مشترك إلى أن يكون تحقيق الاستقرار والرفاهية والازدهار ضرباً من المحال
کوردستان TV
100%

القى كريم سنجاري وزير الداخلية في حكومة اقليم كوردستان اليوم الجمعة، كلمة نيابةً عن رئيس حكومة الاقليم نيجيرفان بارزاني خلال منتدى اربيل السنوي الاول، أكد فيها انه على كافة الأطراف التحاور فيما بينها بكل صراحة، وإقامة تفاهم وتوافق جديد في العراق للقضاء على الإرهاب.

وفيما يلي نصها:

الحضور الكرام
الضيوف الأعزاء

أسعدتم صباحاً وأهلاً ومرحباً بكم في منتدى أربيل..

أرحب ترحيباً خاصاً بالضيوف القادمين من خارج إقليم كوردستان. أحيي مركز رووداو للدراسات لتنظيمه وإدارته هذا المنتدى، ودعوته 14 مركزاً للبحوث في المنطقة في هذا الوقت الضروري. بغية مناقشة سبل تحقيق السلم والاستقرار والتقدم في منطقتنا، أرجو أن نجد نقاشات مثمرة ملؤها التفاهم بين كافة الأطراف.

أيها السادة،
إنكم كسياسيين وباحثين، لديكم معلومات وتوجهات خاصة بكم، لهذا أود أن أتحدث بصراحة في حضوركم. في الحقيقة، نريد الوفاء بتعهداتنا لشعب كوردستان والعراق عموماً، كما نريد لشعب إقليم كوردستان والعراق حياة كريمة ومرفهة تليق بهم.

إن رفاهية الشعب لا يمكن تحقيقها بدون الاستقرار السياسي في البلد، ولا يمكن تأمين الخدمات إذا كان البلد يعيش حالةً أمنية مزعزعة، لذا يجب أن نبدأ من هاتين النقطتين.

عند إمعان النظر في هاتين النقطتين، نجد أن القيادة السياسية في إقليم كوردستان، وقبل سقوط النظام السابق، بذلت جهوداً كبيرة من أجل بناء عراق جديد على هذه الشاكلة، ولتحقيق هذا الهدف، عُقدت اجتماعات كثيرة بين الأطراف السياسية العراقية في أربيل قبل وبعد سقوط النظام. لقد كنا نتطلع إلى بناء عراق للجميع، لكن ذلك لم يتحقق لجميع القوميات والمكونات للأسف، ولم يتم بناء الدولة المدنية ودولة المواطنة!، لذلك استفادت المنظمات الإرهابية من هذه الأوضاع وتمكن تنظيم القاعدة من توسيع حضوره في العراق، ثم عزز نفوذه أكثر في جلباب أنصار السنة، وبعدها بات تنظيماً إرهابياً أكبر وأقوى باسم تنظيم داعش الذي خرب أوضاع العراق والمنطقة والعالم أجمع.

أيها الحضور الكرام،
إذا نظرنا إلى داعش على أنه "مؤامرة" وأنه جاء إلى العراق من الخارج، ونظرنا إلى هذه المسألة والظاهرة بهذا المنظار، لن نتوصل إلى أي حل، بل ربما سنمضي صوب حالة أكثر سوءاً مع الأسف!.

حالياً هناك تحركات مستمرة لداعش في الخط الاستراتيجي من ديالى، كركوك، صلاح الدين، الأنبار والموصل، وصولاً إلى سوريا، وله تحركات وهجمات إرهابية ليلية تستهدف القوات الأمنية والأماكن العامة، وأغلب العناصر التي تقوم بهذه التحركات، عراقيون!، وهذا يعني أن داعش باقٍ، وحتى في حال القضاء على داعش في مثل هذه الأجواء المتوترة، فإن من المتوقع ولادة منظمة إرهابية أخرى من بقايا هذا التنظيم، وفي ظل هذا الوضع وعلى هذه الأرضية، لذا يتحتم علينا أن نتوصل إلى حل جذري.

عرّفت الدولة العراقية الجديدة نفسها من خلال الدستور والنظام الحالي كدولة ديمقراطية فيدرالية، وفي دولة كهذه سيؤدي غياب الإعمار والخدمات والمشاركة في الإدارة بشكل ملائم ومشترك، إلى أن يكون تحقيق الاستقرار ومن ثم الرفاهية والازدهار ضرباً من المحال.

إن إهمال المشاركة المتكافئة، وانتشار الأسلحة بالصورة القائمة حالياً، جعلا من توفير التطور الاقتصادي وكذلك استمرارية الحركة التجارية والاقتصادية والكثير من الحاجات اليومية من الصعوبة بمكان، وكان لهما وما زال تأثيرات سلبية جداً، وباتا عائقاً أمام الحلول السياسية، وخلقا حالة من عدم الاستقرار بالنسبة للمواطنين من كافة المكونات.

إن الحل لهذه الحالة يجب أن يتم بموجب الدستور العراقي. إن إقليم كوردستان عندما ينتقد عدم تطبيق 55 مادة دستورية، تتعلق بحقوق شعب كوردستان، فإنه يريد أكثر من غيره أن تكون السيادة للدستور.

أيها السادة،
لكي نتخلص من بذور الإرهاب في العراق ونقضي عليها، علينا أولاً أن نعيد إعمار الأماكن المدمرة، فالأرضية لنشوء الإرهاب تكمن في الخراب والمناطق المحرومة من الخدمات، لذلك يجب أن يتم البدء بإعادة الإعمار سريعاً.

من دواعي أسفنا جميعاً أن تكون واحدة من أقدم المدن في المنطقة والعالم، مدينة الموصل مدمَّرة بهذا الشكل. على الحكومة أن تدعم أصحاب رؤوس الأموال الموصليين، ليكون زمام المبادرة في إعادة إعمار الموصل بأيديهم. يجب أن يشعر أبناء كافة محافظات وسط العراق، وليس عدد من الأشخاص في تلك المحافظات، بأنهم شركاء مشاركون في إدارة السلطة والإدارة في العراق، يجب تصحيح العلاقات بين كافة مكونات العراق بشكل عملي وبصورة عميقة.

لغرض القضاء على الإرهاب والحيلولة دون ظهوره تحت مسمى مختلف، نحتاج إلى تطوير نظامنا التربوي في العراق، وأن تكون لدينا خطة إعمار جديدة ودقيقة، وأن تكون هناك مشاركة مناسبة لكافة القوميات والأديان والمذاهب في إدارة البلاد، وأن نعزز سبل التعايش السلمي في العراق ونعمقها. وأن نوفر الضمان الصحي، والضمان الاجتماعي للعاطلين عن العمل وللفقراء، وأسباب المعيشة والدراسة لمن فقدوا آباءهم وأمهاتهم، مثلما نص عليه الدستور العراقي.

لكن، ولكي نتمكن من ذلك، فإن على كافة الأطراف أن تتحاور فيما بينها بكل صراحة، وأن تقيم تفاهماً وعملاً مشتركاً وتوافقاً جديداً في العراق. نحن مستعدون للبدء بهذا بكل طريقة، ومنذ اليوم.

السيد رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي شخصية ملائمة لمرحلةٍ كهذه، وينبغي أن تكون كافة الأطراف السياسية قد اقتنعت بأن عملنا المشترك لإدارة أفضل ولإرساء الاستقرار، ضروري جداً، خصوصاً إذا ما أعادوا إلى أذهانهم ضعف نسبة مشاركة المواطنين في الانتخابات النيابية العراقية الأخيرة، والذي يظهر غياب الثقة بنظام وإدارة البلاد. ينبغي أن تعمل الأطراف كافة وتتصرف بالصورة التي من شأنها استعادة ثقة الشعب العراقي بالنظام السياسي مرة ثانية.

أيها السادة،
قبل سقوط النظام السابق، كان إقليم كوردستان "العراق الآخر". كان نموذج العراق الذي تفخر به الأطراف السياسية العراقية المعارضة كرمز يدل على حتمية تغيير النظام وبناء عراق متقدم على أساس الفيدرالية.

صادقت المعارضة العراقية في مؤتمري لندن وصلاح الدين، على الفيدرالية وتم تثبيتها في الدستور العراقي المؤقت، ثم الدائم. كان شعب كوردستان على قناعة بأن هذا النظام ونظراً للطبيعة المتنوعة للعراق، سيتم تطويره أكثر ويتوسع أكثر فأكثر، وكان رأينا في الفترة الماضية والآن في العراق هو أن النظام الفيدرالي هو السبيل والنظام المناسب حقاً، وهو نظام يجب التوسع فيه وتعميقه في العراق.

غير أني أود أن أقول لكم وبصراحة، إننا للأسف نشعر بأن مبدأ الفيدرالية والنظام الفيدرالي لم يترسخا بعد في العراق، وليس هناك إلى الآن تفهم كامل لمفهوم ومبدأ الفيدرالية ونظامها. لهذا لا يزال هناك نوع من التعامل مع إقليم كوردستان لا يشبه التعامل مع إقليم، بل هو أشبه بالتعامل مع محافظة. نرجو أن يتم تعديل طريقة التعامل هذه خلال فترة حكم الحكومة الحالية.

لم تكن الاتفاقات ولا التعهدات بهذه الصورة، كما أن الدستور العراقي وضع الأسس الفيدرالية، وفتح العديد من مواد الدستور العراقي السبيل أمام توسيع وتوطيد النظام الفيدرالي، لكي يتم ترسيخ النظام الفيدرالي وتعميقه في إدارة العراق، بَيدَ أن الذي نلمسه من خلال طريقة التعامل ومشاريع القوانين، هو في الحقيقة مخالف لهذا المنظور الدستوري، وهذا خرق لأسس التوافق والفيدرالية، أي أنه مخالف تماماً للدستور.

هناك مواد تشير لسن قوانين جديدة أدرجت في الدستور العراقي ليتم سن القوانين على أساس النظام الفدرالي، ويتم تعديل القوانين غير الملائمة بهدف تغيير النظام إلى فيدرالية حقيقية، غير أن الذي نراه عملياً عكس ذلك!، لهذا أريد أن ألفت انتباهكم جميعاً إلى هذا التوجه الخطير وأنبهكم إلى أن علينا جميعاً أن نعدّل هذا التوجه في التعامل وسن القوانين، لأنه خلاف للدستور.

وفي الختام، يسرني كثيراً أن تقوموا أنتم وكافة النخب السياسية والأكاديمية والثقافية في العراق بالبحث والنقاش وبطريقة عصرية، في المسائل المتعلقة بالأمن والسيادة، لكي نحظى بالأمن والسيادة الصحيحين والحقيقيين، وليس فقط كشعارات وكلمات!.

أرحب بكم مرة ثانية وأرجو لكم النجاح.
وأرجو لكم يوماً سعيداً.
الأول من آذار 2019

 

كوردستان

التعليقات (0)

لا يوجد إلى الآن أي تعليقات

اكتب تعلیقاً

هل ترغب بتلقی الإشعارات ؟
احصل على آخر الأخبار والمستجدات