أربيل 7°C السبت 23 تشرين الثاني 03:17

خمسة أيام في دبي.. مشاهدات وجولات لصحفي كوردي في الإمارة

کوردستان TV
100%

إعداد: محمد زنكنة

في عام 2014 وتحديدا قبل التطبيق الفعلي للقطع الكامل لحصة إقليم كوردستان من الموازنة العامة للدولة والتي مازالت مستمرة وتأخذ اشكالا جديدة، ارسلت لي دعوة من قبل مؤسسة دبي للمهرجانات والتجزئة، الدعوة كانت من قبل المركز الإعلامي وكانت فرصة قيمة ومهمة جدا للاطلاع ولأول مرة على هذا البلد والذي كان قد بدا ولتوه مشوار الإعمار والتطور الذي نراه اليوم ، والتقيت في تلك الفترة بمجموعة من الصحفيين من دول عربية وآسيوية ومن حسن الحظ أننا مازلنا متواصلون مع بعضنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإن كان التواصل محدودا.

الإقامة وبمستوى عال لحسن الضيافة كانت في فندق اينتر كونتنينتال والذي كان ومازال يعتبر من افضل الفنادق العالمية التي تتواجد في دبي من حيث الخدمات والنظافة والمساحة والكثير من الأقسام التي وضعت لخدمة السياح والضيوف والوافدين الى الإمارات.

زيارة تكررت بعد عشرة أعوام

وفي هذا العام وبعد غياب دام عشر سنوات، سنحت لي الفرصة لزيارة دبي مرة أخرى وأيضا بدعوة من قبل إحدى المراكز الإعلامية بالصدفة وعن طريق الصديق والزميل ياسر الحمداني والذي رشحني لأكون متواجدا في هذه الزيارة، الدعوة كانت تخص ايضا الإطلاع على ما توصلت إليه دبي من مستجدات جعلتها تنافس باسمها وباسم الإمارات العربية المتحدة جميع دول العالم في العديد من المسائل الأمنية والسياسية والاقتصادية بل وتتربع على صدارة دول العالم في الكثير من المجالات وهذا ما اكسبها قوة جعلها بمثابة أرض جديدة لتحقيق الأحلام على غرار الحلم الأميركي.

أكثر من 200 شعب وجنسية

مع هبوط الطائرة على أرض مطار الشارقة الدولي، حيث حجزت لنا التذاكر لهذا المطار لاحظنا بأن أفراد الشرطة وضباط الجوازات والتأشيرات والموظفين الرئيسيين في المطار هم من الإماراتيين، أما بقية العاملين في هذه المؤسسة المهمة أغلبهم إن لم يكن جميعهم من جنسيات وشعوب أخرى حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 200 شعب وقومية وجنسية تتواجد في الإمارات العربية المتحدة من العمالة الوافدة وأغلبهم من دول آسيا وتحديدا جنوب شرق آسيا، ويذكر الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الإماراتية بأن أكثر من 200 جنسية تقيم وتعمل في دولة الإمارات وأن عدد الوافدين والمقيمين فيها يتجاوز عدد سكانها من المواطنين، وتعتبر الجالية الهندية من أكبر المجتمعات المقيمة فيها، تليها الباكستانية ثم البنغالية، وغيرها من الجنسيات الآسيوية، والأوروبية، والأفريقية. لكن الأمور لا تقف عند هذا الحد، بل إن مواطني أغلب الدول العربية والأوروبية وحتى أميركا اللاتينية والولايات المتحدة يتواجدون للعمل في الشركات والمشاريع المختلفة في دبي، لكن الإدارة الرئيسية لجميع هذه الأمور هي بأيد وإشراف إماراتي. ومن المفارقات بأن عدد الوافدين والعاملين والجاليات في هذا البلد يفوق عدد السكان الأصليين.

لكن هذا التعدد والذي يخيم على العدد الحقيقي للسكان، لا يمنع بأن تكون السطوة الحقيقية هي لقانون أهل البلد المستضيفين لهذه الجنسيات المختلفة، بمعنى أن الهندي والباكستاني والبنغالي والعربي والأوروبي جميعهم يطبقون وينفذون القانون الإماراتي، على سبيل المثال ودون أن أعلم كنت
أصور في إحدى الأماكن السياحية بكاميرتي الـ(كانون) ليظهر لي أحد العاملين في هذا المكان قائلا: مع كل الاعتذار ولكن هذه الكاميرا غير مصرح باستخدامها هنا بحسب القانون، بمعنى أوضح، إن المواطن الإماراتي لا يمتعض من تواجد هذه الجنسيات بكثرة ولا يتخوف من أن تؤثر كل هذه الأعداد بالتركيبة السكانية لبلده ولا يطالب بطردهم او بتقليص أعدادهم.

سهولة الوصول لأبعد نقطة من المكان الذي تعيش فيه

لوسائل النقل في الإمارات وخصوصا في دبي فضل كبير على تحريك وتنشيط السياحة والعمل فيها وخصوصا خطوط الباص والميترو تجعل الساكن فيها يصلون وبأسهل طريقة الى أي مكان يريدونه وأية نقطة يقصدونها، الوقت بين القطار والآخر في محطة الميترو لا يتجاوز الخمس دقائق والسرعة في الوصول للمكان المقصود تبهر مستخدمي هذه القطارات حيث توفر الوقت والجهد على الجميع بوجود سهولة في التنقل وتجنت الاختناقات والازدحامات المرورية والتأخير الناتج عن هذه الازدحامات.

أحد المصريين الذين سألتهم عن عنوان مكان معين شرح لي كيفية الوصول بكل سهولة، حيث يستطيع الساكن في هذه الإمارة تنزيل تطبيق خطوط الميترو في هاتفه النقال والذي يوافيه بكافة التفاصيل المتعلقة بخريطة الخطوط التي تتحرك من خلالها القطارات في الوقت المحدد طيلة أيام الأسبوع، حيث تغطي هذه الخطوط إمارة دبي من بدايتها وصولا الى آخر نقطة فيها، وبين عمر، المصري الذي سألته بأن خطوط الميترو هي نعمة إلهية لسكان دبي لأنها نشطت حركة العمل والسياحة دون أية مشاكل ولولا هذه الخطوط كما قال عمر، لكانت الإمارة ستعيش في أحلك ظروفها من حيث الازدحامات في الطرق العامة والشوارع التي من الممكن أن لا تتحمل السيارات من مواطنيها والوافدين والضيوف والسياح. وهنا لا بد من عدم تجاهل قوانين المرور والانضباط المروري في الشوارع والتعليمات الصارمة في وسائل النقل حيث لا وقت للمحاسبة والصراخ والاعتقال والحجز أثناء حصول أي خطأ أو مخالفة، لأن العقوبات المالية جاهزة وهي ما يعمل بها في التعامل مع المخالفات في الشارع أو داخل وسائل النقل العام أو حتى أثناء التنقل بالمركبات والعجلات الشخصية والخاصة، فالقانون يسير على الكل دون استثناء. ومن المهم ايضا أن نذكر بأن التصميم العام للمراكز الحيوية لهذه الإمارة لم يهمل الوصول السهل والمجاني الى أماكن العمل أو التبضع وخصوصا من محطات الميترو، حيث الممشى الخاص الرابط بين المحطة والمكان المقصود إن كان مركزا تجاريا للتسوق أو دائرة أو مؤسسة معينة.

المزج بين أكثر من ثقافة وعدم إهمال ثقافة البلد

الأزياء الرسمية، وأزياء شعوب البلدان الوافدة، الرموز التاريخية والتذكارات الخاصة بثقافة الإمارات والثقافة العربية والخليجية بشكل عام ولكل شعوب المنطقة تتواجد في كافة المحلات ومراكز التبضع والمولات في دبي، تماثيل ومجسمات للخيول والجمال والخيم ولأشكال الزي العربي، تماثيل ومجسمات للفيلة التي ترمز الى الثقافة الهندية، صور لشعوب مسلمة أو بوذية أو مسيحية ومطاعم وبضائع كل منها يمثل دولة معينة يراها الزائر في كل مكان، لكن المهم هنا هو، أن البلد لم تهمل ثقافتها ولا تقاليدها، فالصيني والياباني على سبيل المثال والذي سيسعد بالتأكيد عندما يجد رموزا من ثقافته تعرض في متاجر ومحلات دبي، سيسأل عن ثقافة البلد الذي يزوره وسيبحث عن أي تذكار يذكره بزيارته وجولته وهناك تعاون وتساهل من قبل أصحاب المحلات التي تبيع الرموز والأزياء والتذكارات الإماراتية لكل السواح في إطار حملة ذكية وبشكل غير مباشر للتسويق السياحي لتاريخ وتقاليد وثقافة البلد، في كل المحلات سيلاحظ السائح مجسمات لبرج خليفة أو برج العرب أو الأبراج المختلفة وناطحات السحاب التي تتميز بها الإمارات، وكلها تباع بأسعار تنافسية لضمان الاستمرارية والتقوية في الشراء وضمان وصول هذه الرموز لأوسع مساحة من العالم.

أكبر مركز تجاري.. أطول وأضخم برج في العالم بدبي

تحتل دبي مركز الصدارة في الكثير من الأمور على مستوى العالم، حيث تتميز بوجود أكبر مركز تجاري وأطول وأضخم برج في العالم، ونقصد هنا مركز دبي مول التجاري وبرج خليفة، والبرج بات يعرف اليوم بالرمز السياحي الأول والأوحد على الإطلاق في هذه الإمارة حيث لا يوجد سائح أو متابع أو قارئ ومتابع لا يذكر هذا البرج في ذكر دبي وبمتابعة شفهية سريعة، اتضح لنا بأن أكثر الرموز السياحية التي يقبل الناس على شرائها هي تماثيل ورموز لبرج خليفة وبأحجام مختلفة.

المركز التجاري، أو المول (دبي مول)، هو الأكبر في العالم من حيث المساحة الإجمالية ويأتي في المركز السادس بحسب مساحة التأجير الإجمالية ويقع ضمن مجمع برج خليفة ولها محطة ميترو خاصة يصل السائح اليها مشيا على الأقدام نزولا من القطار وحتى الوصول الى قلب المجمع. افتتح عام 2008 وفيها النافورة الراقصة وحديقة الحيوانات المائية والبوابة الخاصة للدخول الى قمة وطوابق برج خليفة والمسموح دخول السياح اليها هذا بالإضافة الى أكثر من مئة مطعم ومقهى ومن ضمنها براندات عالمية شهيرة وحلبة للتزلج ومنتزه داخلي وأكثر من 1200 متجر، ويحتاج السائح الى ما لا يقل عن أربعة الى خمسة أيام ليكمل طريقه فيها وليطلع على أجزائها المختلفة.

ويعتبر الإماراتيين بناء برج خليفة بمثابة التحدي والمعجزة التي تغلبوا من خلالها على الأزمة المالية التي أصابت العالم بين عامي 2007-2008 حيث أثر هذا الحدث على الوقت المحدد لاكتمال بناء وافتتاح البرج والذي يعتبر الأطول والأضخم على مستوى العالم.

ويعتبر البرج من أكثر الوجهات السياحية زيارة في جميع فصول السنة وتحديدا في الشتاء حيث الأجواء المعتدلة والمختلفة عن بقية دول وبلدان الشرق الأوسط وخصوصا في فترة المساء وصولا الى ساعات الليل المتأخرة حيث يستعرض البرج ما بين كل ربع او نصف ساعة العديد من المقاطع التي تعبر عن موضوع أو مناسبة معينة بلغات العالم المختلفة بالتزامن مع العروض اليومية للنافورة الراقصة والتي تتحرك على أنغام أغان عربية كانت أم انجليزية أم فرنسية أو حتى هندية أو بلغات شعوب العالم من افريقيا وآسيا وأوروبا، وفي لحظات وأنا استمع لتلك الأغاني تمنيت فعلا أن اسمع ولو أغنية باللغة الكوردية، إن كانت كلاسيكية ام جديدة وخصوصا أن العلاقة اليوم بين إقليم كوردستان والإمارات العربية المتحدة في أفضل مراحلها.

الناس في هذا المكان كل منشغل بما يريد أن يشعره بالراحة والسعادة، كل اللغات تسمعها من قبل المتواجدين، وحتى من الكورد هناك من رأيتهم وحييتهم من السليمانية وأربيل وحتى من دهوك، كل بلغته بثقافته وطريقته مستمتع بما يراه من عروض فنية دون اي استفزاز أو حساسية ولا أي تدخل من شخص فيما يفعله الآخر، كل يرقص يغني يأكل يشرب يمشي، الأهم هنا عدم التجاوز على القانون واللوائح العامة والتي لا تقلق الراحة العامة.

ومن المهم أن نذكر هنا بأن لهذا المركز التجاري العديد من الأبواب التي تؤدي الى النافورة والى محطة الميترو وأماكن أخرى تسهل من الحركة للزوار والسياح ولا يمكن تناسي بأن أيام الخميس يشهد هذا المكان زخما كبيرا جدا لا يتصوره العقل، ومع ذلك لا يصل المكان الى حالة الاختناق أو الحوادث الحساسة والتي من الممكن أن تهدد حياة الزوار.

الديناصور في دبي مول

ما أثار انتباهي وبشكل ملح في هذا المكان وجود مجسم كبير على شكل هيكل عظمي لديناصور !! هذا الموضوع أثار لدي الفضول وصرت أتساءل إن كان حقيقيا أم مجسما مقلدا يحاكي أي هيكل عظمي لنوع من أنواع الديناصورات، لكنني وبعد أن اقتربت منه قرأت على اللوحة الموجودة أسفل المجسم كافة المعلومات التي تثبت بأنه هيكل عظمي لديناصور حقيقي، وكنت اسمع العديد من الذين يمرون بجانب المكان وهم مترددون هل يصدقوا ما كتب على اللوحة ام أن شكوكهم صحيحة.

لكنني وبعد البحث اتضح لي بأن الهيكل المعروض هو فعلا لديناصور حقيقي وكامل، وينتمي الى صريوديات السحالي ذات القدمين وتزن بما يقارب الخمسة فيلة وهي من النوع النباتي، وتتميز برقبتها الطويلة والتي ساعدتها في الوصول إلى قمم   الأشجاروأغصانها، الديناصور من فصيلة ديبلودوكوس لونجوس وهو من بين أكبر المخلوقات التي عاشت على سطح الأرض منذ حوالي 155 مليون سنة في العصر الجوراسي المتأخر.

وكان الستار قد ازيح من على المجسم في 2014 ومنذ ذلك الوقت وبحسب الاحصائيات زادت نسبة الزوار لأجل رؤية هذا الهيكل العظمي لأكثر من 40-45 بالمئة.

متحف المستقبل وتذاكر نفذت

الوصول الى متحف المستقبل لم يكن أمرا صعبا وخصوصا بوجود وسائل نقل تقرب المسافات البعيدة وجهتي الأخرى كانت الى هذا المتحف والذي يشكل أيضا وجهة سياحية أخرى لدبي، بكل حماس نزلت من محطة الميترو متوجها للمتحف والذي كان يبعد بمسافة مشي لا تتعدى الربع ساعة عن محطة مركز التجارة العالمي، وفي الطريق نفق للمشاة بوجود تعديلات في طرفي الشارع لم تعرقل من حركة سير العجلات والمشاة بوجود أكثر من تنبيه واخطار بعدم تجاوز الشارع لكن الصدمة كانت في الانتظار وكانت حقا غير متوقعة.

بعد مسافة المشي وعبور الشارع والنفق والسير على خطى القانون وصلنا أخيرا الى البوابة المؤدية الى داخل المتحف وتخلل طريق المشي التوقف لأكثر من مرة لالتقاط الصور وتصوير مقاطع فيديو وإلقاء التحية على كل من يرانا نتحدث بالعربية او الكوردية.

في الـ(رسبشن) موظفين إماراتيين يستقبلون الزوار بكل لطف وبوجود زخم كبير من الذين ينتظرون الدخول عن طريق المصاعد أو السلالم، هنا كانت الصدمة ألا وهي: أن التذاكر نفذت ولا تذاكر لدخول المتحف لما بعد ثلاثة اسابيع هنا كانت أولى خيبات الأمل لأنني حرمت حقا من رؤية تفاصيل هذا الصرح الكبير.

إلا أن ذلك لم يمنعني من البحث تفاصيل وأقسام وخلفية هذا المتحف والذي صممه المهندس شون كيلا يضم يضم ثلاثة عناصر رئيسية: التل الأخضر، والبناء، والفراغ وادرج من قبل ناشيونال جيوغرافيك في قائمة أجمل أربعة عشر متحف في العالم بسبب هندستها المعمارية المذهلة والابتكارات التكنولوجية المتطورة.

افتتح هذا المعرض بتاريخ الثاني والعشرين من شباط/فبراير 2022 ومنذ ذلك الوقت يستقبل يوميا الآلاف من الزوار وباستمرار ودون توقف وما زالت تطمح الى المزيد وهنا ايضا وفي الباحة الرئيسية للمتحف يرى الزائر جميع الجنسيات في الكرة الأرضية من مختلف دول العالم وجميعهم تحصل على التذاكر عبر الموقع الرسمي للمتحف، بعضهم حجز تذكرته قبل ما لا يقل عن ثلاث أو اربعة اشهر من زيارته وهو في بلده إن كان في آسيا أو أوروبا أو افريقيا أو حتى في أميركيا الجنوبية. لاحظت وجود العديد من الزوار من اندونسيا والفلبين ودول جنوب شرقي أسيا وحتى من الدول العربية، وهنا ايضا لم يهمل العاملون والمشرفون على المتحف مسائل تتعلق بتذكارات تجسد واقع دبي أو الإمارات بشكل عام وأكثر ما كان يلاحظ وجود مجسمات تمثل المتحف وتباع بأحجام مختلفة وبأسعار مختلفة.

إن عدم دخولي للمتحف كان سببا في كآبة استمرت فترة لم تقل عن الساعة على الرغم من تظاهري بعدم وجودها، لكنها ايضا ضاعفت اعجابي بهذا الصرح الذي ضمن وبعد فترة قليلة جدا من تأسيسه وعمله هذا الكم الهائل من الزوار من جميع دول العالم، باختصار .. هذا المكان وبهذه المساحة المحدودة اختصر كل العالم.

خور دبي وجولة بحرية وبروح مصرية

بالصدفة وبعد تجاوز صدمة عدم دخولي للمتحف عثرت على إحدى الإعلانات لرحلة بحرية في خور دبي، بادرت للحجز فورا ودون أي تردد لعدم إضاعة الوقت التواصل كان عن طريق الواتس آب وفي كل لحظة كنت أسال وأتأكد هل أن الحجز الكتروني أم نقدي مباشر لا ضمن أن لا تتجدد الصدمة.

الطريق كان بعيدا بعض الشيء لكن محطة الميترو تختصر وتقصر كل شيء والاختلاف هنا أن المحطة تتغير بين خط وآخر وصولا الى نقطة الانطلاق في إحدى الفنادق القريبة من خور دبي، الا وهو فندق فيرزاتشي، استقبلنا شاب مصري بابتسامة لطيفة، الشاب الدمياطي وبعد الترحيب ودفع ثمن التذكرة قال لنا الشاب: تصرفوا على راحتكم (صوروا براحتكم وتحركوا زي ما انتم عايزين وفي المركب هاتنبسطوا كتير). كانت هذه فرصة مهمة لالتقاط أكبر عدد من الصور في هذا المكان الذي كان حقا بعيدا عن صخب السيارات وازدحام الشوارع ولكن في ذلك اليوم كان جزء من المكان مزدحما بعض الشيء بسبب تجمع العشرات من أبناء الجالية الهندية والمحتفلين باليوم الوطني لبلادهم احتفالهم أضاف حقا جوا جميلا على المكان.

بعد انتظار ما يقارب الساعة، وجولة في ارجاء المرسى الخاص بالقوارب، انطلقت الرحلة وبدأت معها الفعالية الفنية والتي كانت بكاملها تتألف من ألحان وموسيقى وأغاني مصرية مصاحبة برقصة التنورة والحصان كنت أنا الكوردي الوحيد في هذه الرحلة، ومع زميلي ياسر الحمداني كنا العراقيين الوحيدين على متن القارب، صينيين وكوريين ومصريين بالإضافة الى الإماراتيين وقليل من الأتراك لكن النسبة الأكبر من الحضور كانوا من مصر وبكل صراحة أضاف وجودهم مرحا مضاعفا للجلسة والرحلة وبطبيعتهم متعوا جميع الحضور بتفاعلهم مع العروض الفنية التي قدمت على متن القارب الذي اقترب من أغلب المعالم المعمارية الحديثة من أبراج وعمارات وفنادق في طريق الرحلة حيث يستطيع كل من يستقل هذا القارب ملاحظة هذه الأبنية بزاوية 360 درجة من اي اتجاه يختاره.

التعامل مع النزلاء كان لطيفا جدا ولم يشعر أحد بأنه مختلف عن الآخر على الرغم من كل الاختلافات الموجودة من حيث الهندام واللغة والهويات الفرعية الأخرى، الستاف المصري الذي يعمل على متن القارب كان بحق على قدر عال من المسؤولية، وهنا تمنيت ايضا وفي أطر التعاون الموجودة بين إقليم كوردستان والإمارات أن تكون هناك بعض الأمسيات الكوردية احيانا بوجود أغاني وألحان الدبكة في ظل وجود عدد كبير من الكورد من إقليم كوردستان العراق وسوريا كسياح او ممن يعملون في دبي، والأمر ليس صعبا وفي كل الأحوال المقترح والقرار يبقى لدى اصحاب القرار.

الحديقة المعجزة

حديقة افتتحت في عيد الحب وقبل أكثر من عقد أي في عام 2013 وهي أكبر حديقة للزهور الطبيعية على مستوى العالم بوجود أكثر من 150 مليون زهرة مزروعة و120 نوع من الزهور على مساحة 72000 متر مربع.

لا تكفي مدة ساعتين للتجوال في هذه الحديقة حيث الزهور في كل مكان وعلى اشكال مختلفة، تماثيل من زهور تجسد تقاليد لشعوب مختلفة، فيلة ضخمة تمثل الحضارة الهندية، خيول تمثل الحضارة العربية وتحديدا الإماراتية، تماثيل راقصة على أنغام سيمفونيات مختلفة، وأخرى تمثل شخصيات كارتونية سعدنا بها وبمتابعتها في فترة الطفولة كالسنافر ومارد مصباح علاء الدين، الدخول للحديقة يكون بالبطاقات التي تشترى عبر النت أو بشكل مباشر أمام بوابة الدخول، وبرغم العدد الكبير والهائل من الزائرين لا يشعر المرء بالاختناق لوجود مساحات واسعة للمشي والاستراحة حيث الكافيتيريات والمطاعم ومتاجر الهدايا ومرسم اللوحات الطبيعية التي ترسم بشكل مباشر على حسب الطلب أو الجاهزة منها والتي تباع بشكل مباشر، مواضيع هذه اللوحات ايضا مختلفة من حيث الواقعي والتاريخي والتجسيد الصوري للشخصيات.

وتتميز الحديقة بوجود منصة ومسرح للمناسبات والاحتفالات ووجود مجسمات كبيرة على شكل قلوب لكون الحديقة افتتحت في يوم يحتفل فيه العالم بعيد الحب هذا بالإضافة الى وجود مجسمات لأبراج وقلاع وأماكن تاريخية لبلدان وشعوب مختلفة.

ولكم تمنيت أن أرى في إحدى زوايا هذه الحديقة تجسيدا بالزهور لقلعة أربيل التاريخية على سبيل المثال، لكونها اولى المدن المسكونة في العالم ويتجاوز تاريخها الستة آلاف عام ومنها انطلقت الحياة المدنية نحو الشرق الأوسط ومن هذه المنطقة انتشرت أغلب ديانات الشرق الأوسط وكانت شاهدة على اولى الحروب العالمية بين الشرق والغرب، حرب (غوغميلا) والتي وقعت في سنة 331 قبل الميلاد، بين الإسكندر المقدوني وداريوش الثالث وانتهت المعركة بنصر المقدونيين وأدت إلى سقوط دولة الأخمينيين.

الجولة كانت حقا ممتعة في مكان ترى وتسمع فيه كل اللغات ولا أحد يتحسس من لغة أحد ولا من طريقة الكلام أو حتى من إظهار المشاعر الوطنية أو القومية لشعبه ولبلاده شرط ان لا يتجاوز على بقية الحضور ولا يخلق حساسية الجميع في غنى عنها ولا يتجاوز على القوانين العامة للبلاد.

الزي الكوردي في دبي مول

وفي الليلة الأخيرة لنا في دبي قررنا أن نخرج بأزيائنا الرسمية، هو بالزي العربي وتحديدا الإماراتي وأنا بالزي الكوردي، فقط لنرى ردات الفعل لكل الشعوب التي تتواجد في هذا المكان الذي يختصر كل العالم بكل شعوبه وأزيائهم وتقاليدهم وخلال الجولة ومنذ انطلاقتنا من الفندق مرورا بالشارع ومحطة الميترو وصولا الى الممشى المؤدي الى دبي مول ثم الى النافورة، لم نلحظ أية حساسية ولا ردود أفعال غريبة، على العكس كان هناك من يسأل ما هو نوع الزي الذي ترتديه وهناك من استفسر حول طريقة خياطته وتفصيله، لم نسمع كلمة ممنوع لهذا الزي أو اللغة التي تتحدث بها حيث كنت أجيب على مكالمات تأتيني وأنا اتحدث بلغتي الكوردية، كثير من المتواجدين في المكان كانوا يبتسمون لرؤية هذا الزي الذي يعتبر غريبا بعض الشيء لأن نادرا ما نرى كورديا يرتدي هذا الزي في الإمارات وتحديدا في دبي إلا إن كانت هناك مناسبات خاصة وفي أماكن محددة، وللأمانة اقول، شعرت فعلا بإنسانيتي دون قيد أو فرض أو اي استفزاز لكوني ارتدي هذا الزي الذي من الممكن أن يعرضني للعديد من المساءلات في دول وبلدان أخرى.

ملخص الجولة ..

لم نتحدث عن كل شيء، لأن الحديث يطول وكل موضوع سيكون له موضوع أخر، ولم نزر كل المناطق الجميلة في دبي لأن الوقت كان محدودا على أمل أن تتكرر هذه الزيارة في وقت قريب وأن لا يطول الغياب لمدة عشرة أعوام، ولكن لو تحدثنا عن الصورة العامة لهذا البلد وتحديدا إمارة دبي فالموضوع يتلخص في كلمات محددة: القانون، النظام، الانضباط.

عدد الرعايا في الدولة وخصوصا في هذه الإمارة كبير جدا ويفوق أحيانا عدد سكانها الأصليين، وكلهم يعملون وبجد دون اي توقف، لا ترى في المحلات أو المكاتب أو فروع الشركات أو المتاجر إماراتيين إلا ما ندر، لكنهم جميعا يسيرون على قوانين سنتها حكومة دبي ولا يتحسس المواطن الإماراتي بتواجد الرعايا ولم نسمع من يقول إن تواجد الرعايا يضر بتكوينة وحاضر ومستقبل البلاد والجميع يترحم على مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ورئيسها السابق خليفة بن زايد، وكل من سمعتهم يشيدون برئيس الدولة محمد بن زايد وحاكم إمارة دبي محمد بن راشد آل مكتوم.

الإمارات تتنافس فيما بينها لتقديم كل ما هو مفيد وجيد للمواطنين ولرعايا الدول الأخرى والتي تسكن وتعمل وتقدم خدماتها للإمارات ولأبنائها ولبلدانها حيث لا يمكن أن توقف إمارة عمل إمارة أخرى بسبب الخلافات السياسية والاختلافات الإيديولوجية أو الخصومات الشخصية كما هو موجود في العديد من دول الشرق الأوسط، لم اسمع شخصا من خارج دبي يقول لا نحب أن نرى دبي قوية وأن قوة دبي ستضعف الحكومة الاتحادية، الإمارات تقترض من بعضها احيانا وتقترض من العاصمة والعاصمة ابو ظبي تنظر الى جميع الإمارات بعين واحدة دون أن تفرق بين طرف وآخر أو إمارة وأخرى والجميع يتساوى أمام القانون هذا القانون والتنظيم له ايضا دور كبير في حماية استقرار البلاد وأمنها وسلامتها.

وهذا لا يعني بأنها لا تعاني من المشاكل إن كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية لكن الحلول موجودة والقانون والتخطيط يتكفلون بإيجاد حلول آنية سريعة لحين الوصول الى حلول جذرية تنهي المشكلة وتخفف من تأثيراتها الجانبية.

خلال خمسة أيام قضيناها في دبي، توضحت لنا الصورة تماما بأن الحكم والإدارة لا يمكن أن يكونا أمرا مستحيلا لطالما كانت الدولة تفكر وتخطط وتنفذ وتسارع في حل المشاكل وتوفر فرص العمل لمواطنيها ورعايا الدول الأخرى التي ترى بأن الإمارات هي بلد الفرص، بلد اصبح ينافس أقوى اقتصادات العالم بدأت من الصفر ووصلت لهذه الدرجة من التطور بالإرادة فقط وباستغلال العقول النيرة وبالانفتاح على دول العالم..

الى اللقاء دبي .. وعلى أمل تجدد اللقاء.

الأخبار الشرق الاوسط

التعليقات (0)

لا يوجد إلى الآن أي تعليقات

اكتب تعلیقاً

هل ترغب بتلقی الإشعارات ؟
احصل على آخر الأخبار والمستجدات