أربيل 10°C السبت 23 تشرين الثاني 00:39

توظيف الأسماء العالمية في الرواية ضرورة فنية أم تلاقح للثقافات؟

کوردستان TV
100%

يلجأ بعض الكتاب والروائيين الى توظيف الاسماء العالمية الادبية واحيانا بعض الشخصيات الادبية المشهورة في نصوصهم وقد ولا يقتصر هذا التوظيف على الفن الروائي بل يتعداه للقصة بأنواعها والمسرحية واحيانا الموسيقى كذلك.

وفي السنوات الأخيرة ظهرت إصدارات روائية عربية منها وعالمية تحمل عناوينها أسماء لبعض عمالقة الأدب والفكر العالمي مثل رواية "كافكا على الشاطئ" للياباني هاروكي موراكامي. ورواية "ملعون دستويفسكي" للروائي الأفغاني عتيق رحيمي ورواية "أبناء الجبلاوي" للمصري إبراهيم فرغلي وغيرها الكثير.

البعض يرى أن هذا التوظيف هو محاولة من المؤلف نفسه لدعم نصه ببعض الأسماء والهدف منه جذب القارىء وجعل النص أقوى والبعض يرى أنه لا نظير في ذلك إذا ما كان النص جيدا ويستحق توظيفا أو عنونة أو استدعاء بعض الأسماء والشخصيات الأدبية والفنية العالمية.

في هذا الموضوع استطلعنا اراء بعض الادباء حول هذه الحالة الادبية ... 

التوظيف ضرورة فنية

الروائي العراقي رياض المولى قال "كل عمل روائي لا بد ان يحمل بين طياته التقاطات من الواقع، سواء كان ذلك حدثا ام موقفا او شخصية معينة حتى تكون احجار زاوية يسند بها هيكل النص بشكله العام ويكون منسجما مع احداث الرواية". 

واضاف "التوظيف هنا يجيء لضرورة فنية وليس من باب الحشو أو التكلف لان ذلك يخل بإيقاع الرواية، فالاسماء العالمية على مختلف مستوياتها وتوجهاتها لا ضير في توظيفها روائيا اذا كان ينسجم مع نسق الرواية وتوجهها". 

تسويق النصوص

الكاتب والروائي العراقي محمد جبار أكد أن "السوق الثقافي هو من يقرر الحالة، الكاتب يقدم النص ويوظف الأسماء العالمية سواء داخل النص أم كعنوان للعمل الروائي اعتمادا على ما يطلبه السوق الثقافي".

وأضاف: "بعض الكتاب يعتمدون على استدعاء الأسماء العالمية في نصوصهم لتسويق نصوصهم في سوق الكتاب العالمي والذي دائماً ما يطلب كل ما هو غريبا وجاذبا".

الترويج للرواية 

شريف شعبان روائي مصري أكد أنه عادة ما يلجأ بعض الأدباء إلى حيلة التناص في أعمالهم الأدبية سواء من ناحية فكرة العمل أم عنوانه.

وقال إن "الجديد في الموضوع هو أن نجد بطولة عدة أعمال أدبية عربية شخصيات حقيقية ما بين فلاسفة أو مفكرين أو أدباء أو ربما شخصيات خيالية لها واقعها على الوسط الأدبي، وهو نوع من الترويج للرواية وربط أحداثها وأبطالها الخياليين بالعالم الحقيقي وعمل خلط بين الخيال والواقع، أو محاولة لإعادة صياغة حياة الشخصية العامة ولكن من منظور مؤلف الرواية بشكل خيالي".

واضاف: "مثلاً نجد رواية أبناء الجبلاوي للكاتب المصري إبراهيم فرغلي وقد صنع من نجيب محفوظ وأعماله أبطالاً لروايته ونعت عنوانها بالجبلاوي بطل روايته الأشهر أولاد حارتنا. أما رواية كافكا على الشاطئ فللوهلة الأولى يعتقد القارئ أنها عن الفيلسوف التشيكي فرانز كافكا إلا أن بطل الرواية كافكا تامورا يحمل اسمه. أما رواية سيد بطرسبورج هي رواية صدرت عام 1994 للكاتب الجنوب أفريقي جيه إم كوتزي، وهي عمل خيالي ولكنها تصور الكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي باعتباره بطل الرواية يعتمد على مزج بين حياة دوستويفسكي وحياة المؤلف وتاريخ روسيا ليخرج نتائج مزعجة للغاية".

وأوضح أنه "وفي نطاق السينما نجد فيلم "في الحب والحرب" هو فيلم رومانسي مأخوذ عن رواية بنفس الاسم للأديب الأمريكي إرنست همنجواي، وتقع أحداث الفيلم أثناء الحرب العالمية الأولى وبني الفيلم أساسا على تجربة إرنست همنجواي في الحرب عندما كان سائق سيارة إسعاف في إيطاليا، وتعرض للجرح أثناء الحرب ونقل إلى المستشفى، وهناك وقع في حب الممرضة أجنيس فون كوروفسكي، ولكن العلاقة بينهما لم تنجح، أما الفيلم هو في محاولة متعمدة لالتقاط ما وصفه المخرج بـ "الكثافة العاطفية" لهيمنجواي حيث يأخذ الحرية في التعامل مع الحقائق. ففي الحياة الواقعية، على عكس الفيلم، ربما لم تكتمل العلاقة أبدًا، ولم يلتق الزوجان مرة أخرى بعد مغادرة هيمنجواي إيطاليا. في المقابل تأثر هيمنجواي بشدة بعلاقته الرومانسية مع أجنيس كوروفسكي، وكتب لاحقًا عدة قصص عنها، بما في ذلك روايته عام 1929 وداعًا للسلاح". 

إحالة إلى الشخصيات 

 برهان شاوي روائي عراقي يرى أن الكاتب أحياناً يتعكز على شخصيات لها مكانتها في الآداب العالمية.

وأضاف: "أنا لست مع القضية أو بالضد منها إنما تشعرني بأن الكاتب يحيلك إلى شخصيات لها مكانتها في الآداب العالمية الخالدة، وكأنه يتعكز عليها، وقد لا يكون للاسم علاقة ببنية السرد كما عند الياباني هاروكي موراكامي في روايته" كافكا على الشاطئ ". 

تلاقح الثقافات 

الكاتب والروائي السعودي احمد السماري يرى انها حالة طبيعية وقد تعبر عن تلاقح ثقافات مختلفة. 

وقال إن "حالة توظيف واستدعاء اسماء مفكرين وأدباء وشخصيات لها مكانتها على خريطة الآداب العالمية هي حالة طبيعية وقد تعبر عن تلاقح ثقافات مختلفة ولكن بشرط ان يكون ذلك التوظيف من ضمن متطلبات وسياق العمل الادبي وليس حشراً بداعي التباهي المعرفي والثقافي". 

لعبة ميتاسردية

الروائي السوري الكوردي جان دوست  أكد أن عملية توظيف الأعلام سواء كانت شخصيات حقيقية أو خيالية ليس بدعة ابتدعها كتاب اليوم.

وقال إن "الموضوع ليس بالجديد وهو ليس مقتصرا على كتاب اليوم كما أسلفت إنما منذ رسالة الغفران للمعري ثم الكوميديا الإلهية للإيطالي دانتي، وفي اعتقادي فان توظيف الاسماء واستعمالها في أي عمل ادبي يثري ذلك العمل ويعطيه أبعاداً أكثر". 

وأضاف: "ليس ايراد الاسماء مجرد استعراض ثقافي وايحاء للمتلقي بأن الكاتب واسع الاطلاع على الثقافات العالمية بل يعني فيما يعنيه قراءة جديدة ومن منظور مختلف لعمل ما، أو شخصية أو فلسفة معينة". 

وتابع: "أقرأ حالياً رواية للكاتب البلغاري البريطاني الألماني إلياس كانيتي ترجمت مؤخراً إلى العربية تحت اسم نار الله وهي في بعض صفحاتها تعيد إنتاج الثقافة من خلال استحضار فلاسفة عظام من طينة هيغل وغيره. شخصياً عمدت في روايتي: اللاهي- فريجوس الكاتب العجوز إلى جمع أبطال ثلاثة عشر عملا أدبياً شهيراً وإجراء حوارات معمقة مختلفة فيما بينها تتناول بعض القضايا السجالية من منظوري الخاص. وهكذا يمكن القول بأن استحضار الأعمال الأدبية والكتاب العالميين لعبة ميتاسردية الهدف منها إغناء بعض المواضيع وإثراء قضايا خاص بأسلوب جديد ورؤية خاصة".

إعداد: رامي فارس الهركي


 

الثقافة والفن

التعليقات (0)

لا يوجد إلى الآن أي تعليقات

اكتب تعلیقاً

هل ترغب بتلقی الإشعارات ؟
احصل على آخر الأخبار والمستجدات