ا ف ب
تضرّر أكثر من نصف منشآت النفط والكهرباء التي تغذّي مناطق شمال شرق سوريا وتعد أبرز مصادر تمويل الإدارة الذاتية الكوردية، جراء القصف التركي الأخير، وفق ما قال قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي.
وأطلقت تركيا في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر حملة قصف استمرت أياما واستهدفت عشرات المواقع في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا وبينها مقرات عسكرية ومرافق بنى تحتية، رداً على هجوم نفذه مسلحان على وزارة الداخلية في أنقرة، قالت السلطات التركية إنهما "جاءا من سوريا".
وقال عبدي في مقابلة مع وكالة فرانس برس ليل الثلاثاء "كانت هجمات الدولة التركية هذه المرة مختلفة باستهدافها البنى التحتية والمؤسّسات الخدمية وموارد دعم الإدارة الذاتية بشكل مباشر".
ورأى أنه كان لأنقرة هدفان من حملة القصف، "تهجير" السكان و"قطع مصادر دعم وتمويل" الإدارة الذاتية، ضمنها قواته، للحد من قدرتها على الاستمرار، موضحاً أنّ "الأضرار طالت أكثر من نصف منشآت النفط والكهرباء" الموجودة في المنطقة.
واستهدفت تركيا عشرات منشآت النفط المنتشرة على طول الحدود فضلاً عن محطات توليد كهرباء عدة وأبرز محطات الغاز، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق عدة، كان بعضها يحظى بعشر ساعات تغذية في اليوم الواحد.
وجاء القصف في إطار حملة تنفذها تركيا ضد أهداف كوردية في سوريا والعراق. وأعلن فرع لحزب العمال الكوردستاني مسؤوليته عن هجوم أنقرة.
وقالت تركيا إن المهاجمين "جاءا من سوريا وتدرّبا هناك"، الأمر الذي نفته قوات سوريا الديموقراطية، وهي ائتلاف فصائل كوردية وعربية تقوده وحدات حماية الشعب الكوردية التي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكوردستاني.
وبعدما أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الاثنين أن بلاده أنهت "المرحلة الأولى" من حملة القصف "بنجاح"، توعّد الأربعاء بتكثيف الضربات ضد المقاتلين الأكراد في سوريا والعراق.
- موقف أميركي "ضعيف" -
وشكّلت قوات سوريا الديموقراطية المدعومة أميركياً، رأس حربة في قتال تنظيم داعش، وينتشر مئات الجنود الأميركيين في مناطق سيطرتها في شمال وشمال شرق سوريا.
ولطالما دانت أنقرة دعم واشنطن للمقاتلين الكورد.
وأسقطت القوات الأميركية الخميس طائرة مسيّرة تركية اقتربت من إحدى قواعدها في المنطقة، في حادثة هي الأولى من نوعها بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وقال عبدي "الموقف الأميركي كان ضعيفاً، فقد اكتفت القوات الأميركية بحماية مواقعها وقواتها فقط (...) لكنها لم تفعل شيئاً لوقف الهجمات" التركية.
وتنتشر في المنطقة الحدودية مع تركيا أيضاً قوات روسية محدودة في اطار اتفاقات سابقة لوقف هجمات تركية ضد المقاتلين الكورد.
واعتبر عبدي أن "على القوات الموجودة في المنطقة سواء من روسيا أو الولايات المتحدة أو التحالف الدولي أن تقوم بواجباتها وتمنع تكرار الهجمات، كما يجب أن تدعم إعادة تأهيل البنية التحتية (...) في وقت قريب".
وقتل 29 عنصراً من قوات الأمن الداخلي (الأسايش) الأحد جراء قصف جوي تركي استهدف أحد مراكزهم، فضلاً عن 15 شخصاً آخرين من مدنيين وقوات أمن جراء الضربات التركية خلال الأسبوع الماضي.
وتشنّ تركيا بين الحين والآخر ضربات بطائرات مسيرة تستهدف مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية. كما شنت منذ العام 2016 ثلاث عمليات عسكرية في سوريا استهدفت بشكل رئيسي المقاتلين الأكراد الذين تسعى أنقرة لإبعادهم عن المنطقة الحدودية.
وتسيطر قوات سوريا الديموقراطية اليوم على ربع مساحة سوريا، وتعدّ ثاني قوة عسكرية على الأرض بعد الجيش السوري.
وتقع تحت سيطرتها أبرز حقول النفط خصوصاً في محافظة دير الزور (شرق) ذات الغالبية العربية.
وواجهت قوات سوريا الديموقراطية في أيلول/سبتمبر أزمة في دير الزور، حيث خاضت لأسابيع مواجهات مع مقاتلين ينتمون الى عشائر عربية أسفرت عن مقتل العشرات.
وكرّرت قوات سوريا الديموقراطية تأكيدها أنه ما من خلاف مع العشائر العربية، متهمة قوات النظام بدعم المقاتلين المحليين وإرسال تعزيزات لهم.
وقال عبدي "هناك مشاكل خدمية وأمنية وفي الحوكمة والإدارة في دير الزور"، مشيراً إلى أنه رغم حسم المسألة الأمنية إثر الاشتباكات الأخيرة، لكن المشاكل "لم تُحلّ بعد" والمساعي مستمرة مع أهالي المنطقة.
وخاضت الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديموقراطية منذ سنوات جولات محادثات عدّة مع دمشق، من دون إحراز نتائج.
ويطمح الكورد الذين تمكنوا خلال سنوات النزاع وبعد عقود من التهميش، من بناء إدارة ذاتية ومؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية، إلى الحفاظ على الحد الأدنى من مكتسباتهم، في أي محادثات إزاء مستقبل مناطقهم، بينما ترغب دمشق بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل بدء النزاع عام 2011.
ورغم أن العلاقات لم تنقطع بين الطرفين، لكن عبدي أشار الى "فتور" يشوبها اليوم.
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات