أربيل 10°C الجمعة 29 تشرين الثاني 17:30

"قلوب الأمهات محطمة".. الاختفاء ما زال يطارد العراقيين

يوجد في العراق واحد من أعلى معدلات أعداد الأشخاص المفقودين في العالم
کوردستان TV
100%

كوردستان تي في - أربيل

عندما علم المهندس حازم محمد لأول مرة بنبأ إطاحة نظام صدام حسين، اعتقد أنه سيتمكن أخيرا من العثور على رفات شقيقه، الذي قُتل بالرصاص وألقي في مقبرة جماعية بعد انتفاضة ضد حكم صدام عام 1991.

وأحيا سقوط نظام البعث آمال محمد، بالإضافة الى اعتقاد أقارب عشرات الآلاف من الأشخاص الذين قُتلوا أو اختفوا في عهد صدام أنهم سيعرفون قريبا مصير أحبائهم المفقودين.

وبعد عشرين عاما لا يزال محمد وعدد لا يحصى من العراقيين ينتظرون إجابات. وكان محمد أصيب برصاصتين خلال أعمال القتل الجماعي التي أنهت حياة شقيقه بينما كُتبت له النجاة من الموت.

وعُثر على العشرات من المقابر الجماعية التي باتت أدلة على الفظائع التي ارتكبت في عهد حزب البعث الذي كان يقوده صدام. لكن العمل على تحديد هوية ضحايا عمليات القتل القديمة كان بطيئا وغير مكتمل في ظل الفوضى والصراع اللذين اجتاحا العراق في العقدين الماضيين.

وقال محمد، وفق ما نقلت عنه رويترز اليوم الاثنين: "شفت الفتح (للمقابر الجماعية) مو نظامي (عشوائي)، فقررت أنه هاي المقبرة اللي احنا بها ما افتحها، وما خليت احد يقرب منها".

وبينما كانت تجري عمليات استخراج الجثث، اُرتكبت فظائع جديدة بالعراق في خضم صراع طائفي وفي خضم صعود وسقوط جماعات مسلحة مثل تنظيم القاعدة وتنظيم داعش وكذلك الفصائل الشيعية المسلحة.

ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر يوجد في العراق اليوم واحد من أعلى معدلات أعداد الأشخاص المفقودين في العالم، وتقول اللجنة إن التقديرات الإجمالية تصل إلى مئات الآلاف من الأشخاص.

وبعد عشر سنوات من الإطاحة بصدام، قاد محمد فريقا من الخبراء إلى الموقع الذي اُعتقل فيه مع شقيقه وآخرين عندما اخمدت قوات صدام انتفاضة يقودها الشيعة في نهاية حرب الخليج عام 1991.

وفي ذلك الوقت، أُجبر هؤلاء على أن يجثوا على ركبهم بجوار خنادق حفرت على عجل في ضواحي مدينة النجف بجنوب العراق، وأُطلق عليهم الرصاص

وجرى استخراج رفات 46 شخصا من الموقع، الذي أصبح الآن محاطا بالمزارع، لكن لم يتم العثور على رفات شقيق محمد مطلقا. ويعتقد محمد أن المزيد من الجثث لا تزال هناك لكنها لم تُكتشف بعد.

وقال "الدولة التي لا تهتم بماضيها وتوثقه لا تقدر تحافظ على حاضرها ولا مستقبلها"، لكن أضاف أنه يتسامح أحيانا مع الحكومة نظرا لكثرة أعداد الضحايا التي يتعين عليها التعامل مع ملفاتهم.

ووفقا لمؤسسة الشهداء الحكومية، فقد جرى اكتشاف أكثر من 260 مقبرة جماعية حتى الآن، ولا يزال العشرات منها مغلقا.

لكن الموارد محدودة لمثل هذه المهمة الهائلة. وفي أحد أقسام وزارة الصحة في بغداد، يقوم فريق من حوالي 100 شخص بالتعامل مع الرفات القادمة من المقابر الجماعية. ويتعامل هؤلاء مع الرفات القادمة من موقع واحد في كل مرة.

وقالت رئيسة القسم ياسمين صديق إنهم حددوا وطابقوا عينات الحمض النووي لنحو 2000 فرد من بين حوالي 4500 جثة جرى استخراجها.

مهدي إبراهيم، المسؤول في مؤسسة الشهداء، قال: إن فريقه يتعرف كل أسبوع على حوالي 200 ضحية جديدة. وتُنشر الأسماء على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفحصت المؤسسة حتى الآن حوالي نصف ما بحوزتها من وثائق وعددها مليون وثيقة، وهي مجرد جزء بسيط من أرشيف العراق المتناثر. وتحتفظ الحكومة بمعظم وثائق عهد حزب البعث، بينما اُتلفت وثائق أخرى بعد الغزو.

ووفقا لياسمين صديق، فقد نالت المجازر التي ارتكبها عناصر تنظيم داعش الأولوية.

وتحقق أعلى معدل لتحديد هوية الضحايا في حادثة عرفت باسم مذبحة كامب سبايكر التي ارتكبها عناصر داعش وتمثلت في إطلاق نار جماعي على مجندين في الجيش. وقالت ياسمين إن معظم العائلات أُبلغت بالعثور على المفقودين واُستخرجت معظم الجثث.

وتقول مؤسسة الشهداء إن المجزرة أسفرت عن مقتل نحو 2000 شخص، مضيفا أنه عثر على جثث 1200 منهم فيما لا يزال 757 في عداد المفقودين.

وفي سنجار، التي ارتكب فيها تنظيم داعش ما وصفها محققو الأمم المتحدة بأنها جريمة إبادة جماعية ضد الأقلية الأيزيدية، أُعيد دفن حوالي 600 ضحية من بينهم 150 شخصا جرى التعرف عليهم.

ولم تجر تحقيقات بعد في حالات اختفاء أخرى، فقد اعتقلت فصائل شيعية مسلحة كانت تسعى للانتقام من تنظيم داعش سكانا سنة من بلدة الصقلاوية، وفقا لما قاله شهود قابلتهم رويترز عام 2016 وموظفون بالأمم المتحدة ومسؤولون عراقيون ومنظمة هيومن رايتس ووتش.

وقال أحمد بن شمسي من هيومن رايتس ووتش "يجب على الحكومة العراقية اتخاذ جميع الخطوات لتحديد مكان المختفين ومحاسبة الجناة".

ونفى عبد الكريم الياسري، القيادي المحلي في قوات الحشد الشعبي الذي تتمركز وحدته حاليا بالقرب من الصقلاوية، أن يكون لقوات الحشد الشعبي أي دور في إخفاء أشخاص من المنطقة في الحرب مع تنظيم داعش.

وقال إن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة ومسيسة لتشويه سمعة قوات الحشد الشعبي وإنها مرفوضة من جانبهم، مضيفا أنه يعتقد أن التنظيم مسؤول عن حالات الاختفاء.

ولا تزال التساؤلات تحيط حتى بالحوادث التي جرى التعامل معها بشكل أفضل.

وكانت آخر مرة تحدث فيها ماجد محمد إلى نجله، وهو مسعف مقاتل، في يونيو 2014 قبل مذبحة سبايكر. لم يكن اسم ابنه بين مئات الضحايا الذين تعرف عليهم فريق ياسمين صديق، ولا يزال الابن في طي النسيان.

وقالت زوجته نادية جاسم إن الحكومات المتعاقبة فشلت في معالجة حالات الاختفاء القسري.

وقالت "قلوب كل الأمهات العراقيات محطمة بسبب اختفاء أبنائهن، مضيفةً "مع كل الوقت الذي مضى منذ عام 2003، كان يجب أن نجد حلا. لماذا لا يزال الناس يختفون؟"

 

 

الأخبار الشرق الاوسط العراق

التعليقات (0)

لا يوجد إلى الآن أي تعليقات

اكتب تعلیقاً

هل ترغب بتلقی الإشعارات ؟
احصل على آخر الأخبار والمستجدات