كوردستان تي في
أكد رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، اليوم الثلاثاء (1 تشرين الثاني 2022)، أن المشاكل مع بغداد "سياسية أكثر من كونها فنية أو قانونية"، مشيراً إلى أن وجود الإرادة لحلها كفيلة بتحقيق ذلك خلال أقرب وقت.
جاء ذلك في كلمة مسرور بارزاني خلال مشاركته في ملتقى معهد الشرق الأوسط للدراسات "ميري" الذي عقد اليوم في أربيل.
وفي بداية حديثه، تمنى النجاح لرئيس الوزراء العراقي الجديد، محمد شياع السوداني "في مهامه وهي مسؤولية صعبة لأن العراق يمر بظروف صعبة وتأثيرات خارجية كما أن تصحيح أخطاء الحكومات السابقة ليس سهلاً"، مبيناً أن "شعب العراق يحتاج للخدمات من المياه والكهرباء وبناء المدارس والمراكز الصحية والأمن أكثر من أي وقت مضى".
وتابع أن "نجاح أي رئيس وزراء يرتبط بزيادة تقديم الخدمات وإنهاء الفساد وتسريع تسيير شؤون المواطنين لأن العراق في مرحلة يكون أي نجاح فيه ملحوظاً".
وأضاف: "آمل أن يلقى السوداني الدعم من الأطراف السياسية التي أحياناً بدلاً من دعم رئيس الوزراء في تطبيق برنامجه الحكومي تنشغل بالصراعات السياسية وتمنع خدمة المواطنين".
وحول سبل مساعدة السوداني، أوضح أن "تجربة السنوات الثلاث الماضية في حكومتنا لم تكن سهلة، لكننا قطعنا شوطاً طويلاً من أجل تطبيق البرنامج الحكومي الذي قدمناه للبرلمان، ويمكننا الاستفادة من الخطوات الناجحة من أجل مصلحة جميع العراق ومنها الإصلاحات والتي كانت تتمثل بمرحلة بناء مؤسساتي، ولكنها أغلبها يحتاج إلى وقت لتؤتي ثماره ومنه رقمنة الخدمات".
وستكون حكومة إقليم كوردستان حكومية رقمية بالكامل والاستغناء عن الاستخدام الورقي حتى نهاية 2025، بحسب مسرور بارزاني، الذي أشار أيضاً إلى التجربة الناجحة لحكومة الإقليم في تنويع مصادر الإيرادات من خلال عدم الاعتماد فقط على النفط والغاز بل تطوير الزراعة والسياحة والصناعة "ورغم تأثيرات جائحة كورونا، لكننا لم نتوقف ونواصل تحقيق الإنجازات ومنها تصدير المنتجات الزراعية المحلية إلى خارج إقليم كوردستان قريباً".
وشدد على أنه "لا بد من التعاون لحل الخلافات وقد أبدينا استعدادنا للتعاون في هذا المجال بكل السبل، ومنها ملف النفط والغاز، حيث لا يوجد قانون للنفط في العراق حتى الآن ويمكننا صياغة القانون وتشريعه ليكون إطاراً لحل الخلافات".
وحول المناطق المتنازع عليها، أشار إلى أنه "تمت معالجتها وفق المادة 140 لكن إلى الآن الحكومة الاتحادية لم تطبق هذه المادة بسبب انعدام النية الحسنة"، موضحاً أنه "لدينا النية لمعالجة المشكلة بعدة مراحل كما ورد في الدستور، وهي إحدى أهم النقاط للتقريب بين حكومتي بغداد وأربيل".
كما لفت إلى "تشكيل الألوية المشتركة في مناطق الفراغ الأمني التي يتخذها داعش منطلقاً لتهديد الأمن"، مبيناً أن الإقليم أرسل العديد من الوفود إلى بغداد للتفاوض مع حكومات عادل عبدالمهدي والكاظمي حول الملفات العالقة بالأرقام الواضحة وبما يحدد الحقوق والواجبات ومع هذه الحكومة نحن مستعدون لإرسال الوفود للتفاوض مع الحكومة الحالية".
مسرور بارزاني أشار إلى أن أحد أسباب عدم تسوية الخلافات بين بغداد وأربيل هو "عدم استخدام رؤساء الوزراء صلاحياتهم أما بسبب الخوف أو غياب الدعم السياسي، حيث أن بعض الأحزاب تستخدم هذا الملف ضد رئيس الوزراء ما يجبره على التراجع إلى الوراء"، مبيناً أن "الحل ليس فنياً ولا قانونياً بل سياسي وفي حال توفرت الإرادة السياسية يمكن حل جميع المشاكل بسرعة كبيرة".
وتطرق مسرور بارزاني لمحادثاته مع السوداني والاتفاق على المبادئ العامة بالقول: "لدينا تفاهمات حول الشراكة الحقيقية وضمان مستحقات مواطني هذه المنطقة بحسب النسب السكانية"، لافتاً إلى أنه "نريد المشاركة في إصدار القرارات بشأن القضايا الاستراتيجية لكي لا يتم فرض القرارات علينا، فإذا كنا جزءاً من العراق الاتحادي فلا بد من المشاركة في صنع القرار".
وحول إمكانية زيارة بغداد، أوضح أنه "متى تطلبت الحاجة فإننا سنزور بغداد ونرسل الوفود ونحن مستعدون لتقديم كل ما يجب من مساعدة وفي نفس الوقت ننتظر عدم سلب حقوقنا".
وانتقد مسرور بارزاني "طرد الكورد في المناصب خلال الحكومات السابقة في بغداد، ولا بد من ملئها الآن لأن وجود مواطني كوردستان في بغداد يساهم في تعزيز العلاقات التي شهدت فتوراً، وقيام بغداد بفتح الباب بغداد أمام الكفاءات يعمل على نقل تجربة الإقليم وأداء دور مهم في هذا الجانب".
وأشار إلى أن الحكومة اعتمدت القيام بالإصلاحات عبر برنامج مشترك، ورغم جميع التحديات من انتشار كورونا وتدهور أسعار النفط وعدم إرسال الموازنة لكن الحكومة واصلت توزيع رواتب الموظفين، مشيراً إلى أن أغلب إيرادات الإقليم تذهب للرواتب، ولعدم برنامج يدعم البنية الاقتصادية لجأنا للاعتماد على تنويع مصادر الإيرادات كون الإيرادات غير النفطية ضئيلة وليست بالمستوى المطلوب ولا بد من دعم هذا الجانب إلى جانب مجالات أخرى ومنها التعليم والصحة والسياحة والزراعة والصناعة، إضافة إلى بناء أسس عديدة تم تأخيرها بسبب الحروب والمشاكل السياسية.
وذكر رئيس حكومة الإقليم على وجه الخصوص رقمنة الخدمات التي ستظهر نتائجها بعد عدة سنوات، إلى جانب استمرار تطوير الزراعة والتعليم.
وأشرّ إلى غياب الدعم السياسي لحكومة الإقليم وكأنها شأن منفصل "وتضليل الحقائق بسبب الصراعات السياسية في حين لا بد من التقييم الموضوعي وتقويم الأخطاء ودعم مكامن الإصلاح والإنجاز أيضاً"، مبيناً: "لم أجد الدعم الذي كنت أنتظره من الأطراف السياسية".
وتابع: "رغم كل التحديات تم توزيع رواتب جميع الأشهر دون اللجوء إلى الاقتراض، بل قمنا بسداد ملياري دولار من القروض السابقة، ويمكن وصف الحكومة الحالية بأنها كابينة منسجمة وناجحة فنحن لم نخضع ولم نتنازل وسنواصل هذا الطريق"، واصفاً "البرلمان الحالي في إقليم كوردستان بأنه فعال ونشيط وهناك أكبر قدر من التعاون والرقابة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية".
وشدد على أن "تحديد النفقات والإيرادات والإصلاحات وترشيد الإنفاق ساعدنا في الاستمرار بدفع الرواتب"، مشيراً إلى إعطاء الإدارات المحلية في المحافظات المزيد من الصلاحيات "لكن بعضها كان أفضل من أخرى، في حين أن إعطاء السلطات يجب أن يشمل تحمل المسؤولية"، وتابع: "لكي تكون الحكومة ناجحة وموحدة فلا بد من أن يكون لديها علم حول كل التفاصيل وتحديد الإيرادات وأوجه الإنفاق والتنسيق بين وزارة المالية والمحافظات".
وبشأن الاستثمار، لفت مسرور بارزاني إلى نية الحكومة لتعديل قانون الاستثمار باتجاه جذب المزيد من المستثمرين، مبيناً أن استبباب الأمن والثقة بسلطات الإقليم من العوامل الإيجابية في مجال الاستثمار ليكون الإقليم بوابة لنقل فرص الاستثمار إلى مناطق العراق الأخرى، لأن تحسين الوضع الاقتصادي يساعد على دعم الوضع الأمني والاستقرار السياسي.
وحول مكافحة الفساد، قال أن "تقليل الفساد يكون عبر محاسبة الفاسدين وإصلاح الأنظمة بالشكل الذي يقطع الطريق أمام الفساد من خلال رقمنة الشؤون الإدارية ومنها ما دخل حيز التنفيذ فعلاً هو شراء مستلزمات الوزارات ومراجعتها من قبل لجنة خاصة"، مبيناً أن "منع التلاعب يساهم في تقليل الفساد الذي لا يقتصر فقط على هدر المال، لكن ضبط النظام يمنع وجود باب للفساد وقد اتخذنا خطوات جيدة في هذا المسار".
كما أكد مساعدة جميع الشركات والقطاع الخاص، مستدركاً: "لكن في إقليم كوردستان أغلب الإيرادات تذهب للرواتب والقليل منها فقط تذهب لبناء المشاريع أو دعم الشباب"، وأوضح أنه "خلال فترة قصيرة سنعلن عن مؤسسة لدعم المشاريع الصغيرة والأفكار الإبداعية وتحويلها إلى واقع وتوفير فرص العمل بما يساهم في توسيع القطاع الخاص ومن فوائدها تقليل الإقبال على الوظائف العامة التي تحتاج إلى الرفد بدماء جديدة بالشكل المقبول وليس بأعداد كبيرة، إلى جانب دراسة إقرار نظام الضمان الاجتماعي والتقاعد للقطاع الخاص".
مسرور بارزاني أكد أن النظام المصرفي يتم التحكم به بشكل مركزي من الحكومة الاتحادية، "وقد طالبنا بفتح فرع للبنك المركزي في إقليم كوردستان والعمل مع القطاع الخاص في إطار البرنامج الحكومي".
وحول الحريات، طمأن رئيس حكومة الإقليم "بدعم التعبير عن الرأي بكل الأشكال، وهو مبدأ نؤمن به، وقد أصدرنا تعليمات للحكومة بتزويد الصحفيين بالمعلومات، لكن الأمر يتعلق بمسؤولية مشتركة"، مشيراً إلى ضرورة التعامل بمهنية.
وحول انعقاد المؤتمر الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكوردستاني والمقررة في دهوك بتاريخ 3 إلى 6 تشرين الثاني الجاري، أوضح أن "الحزب الديمقراطي كحزب أصيل يمثل حركة تحررية كوردستانية وليس فقط حزب مقتصر على منطقة أو شريحة أو فئة، فهو يمتد في كل كوردستان ويضم كل الأديان والقوميات، ويقوم على مبادئ ثابتة من نهج البارزاني الخالد باتجاه تعزيز الديمقراطية والإعمار والدفاع عن الوطن والمواطنين"، مبيناً أن "الديمقراطي عقد أكبر عدد من المؤتمرات وأسباب تأخر عقده هذه المرة يعود إلى الحرب على داعش وأحداث ما بعد الاستفتاء".
وتابع أن "مشكلتنا مع بغداد سياسية، فصحيح أن بعض المشاكل قانونية لكن لا بد من توفر الإرادة السياسية لحل المشاكل القانونية وهي لم تتوفر لغياب الارادة السياسية في بغداد"، مبيناً: "لدينا دستور لكن سبب عدم تطبيقه ليس لخلل فيه، ومتى ما توفرت الارادة فيمكننا معالجة المشكلات"، مبيناً: "أننا لا نتحمل مسؤولية عدم وجود علاقات جيدة مع بغداد، فطالما طالبنا بأحسن العلاقات، وشاركنا في تأسيس نواة الجيش العراقي لكن الذي حصل كان تقليل نسبة الكورد في الجيش من 28% إلى 2% وسلب جميع المناصب المهمة من الكورد وطردهم بشكل ممنهج وعلى المدى الطويل".
وأردف قائلاً إن "بغداد لم ترد استمرار العلاقات الجيدة، لكننا ننتظر أن تفتح هذه الحكومة الأبواب للمعالجات، ونحن تحدثنا مع رئيس الوزراء الحالي حول النفط والغاز والضغوط التي تمارس علينا منذ أشهر، وأهمية العمل معاً، ونحن نطمح ونأمل في إيجاد حلول طويلة الأمد، وفي المقابل لن نتنازل عن حقوقنا الدستورية ولا يمكننا ذلك من الأساس، بل سنواصل الدفاع عنها والإصرار على تطبيق الدستور".
وحول العلاقات مع المجتمع الدولي، قال مسرور بارزاني: "نريد الانفتاح على العالم الخارجي والتطور وتوفير الأمن وقد كنا في المقدمة خلال الحرب على داعش واستطعنا بدماء البيشمركة وهمم مواطني إقليم كوردستان وبالتعاون مع العراق والتحالف، مواجهةَ أكبر خطر هدد الأمن العالمي، ونأمل من العالم دعم العراق وإقليم كوردستان في مجال الأمن الاقتصادي أيضاً".
ورداً على سؤال بشأن تطوير قطاع الطيران، أوضح أن "أحد أسباب تأخر تطوير هذا القطاع هو أن التراخيص تُمنح من الحكومة الاتحادية كون الأمر يتعلق بالسيادة وطالما طالبنا بالمزيد من الصلاحيات لتطوير مثل هكذا قطاعات لكن بغداد لا تقدم التسهيلات الكافية".
وحول وجود الضمانات لتطبيق الاتفاقيات بين بغداد وأربيل، أكد أن "هناك تفاهم واتفاق حول أساس تشكيل الحكومة ومبادئ التوازن والشراكة الحقيقية والتوافق وقد تحدثنا مع الحكومة الجديدة عن صياغة قانون النفط والغاز، والأهم هو تطبيق الدستور لحل الكثير من الخلافات وكونه خطوة للتقدم إلى الأمام في مختلف المجالات"، مبيناً: "لا يوجد سبب للشك وعدم التفاؤل في تحقيق حكومة السوداني برنامجها".
وفي الختام، ردّ مسرور بارزاني عن سؤال بشأن الحوار الكوردي – الكوردي في كوردستان سوريا، بالتذكير بعقد ثلاثة مؤتمر بإشراف الرئيس بارزاني لحل الخلافات الكوردية – الكوردية، "لكن حزب الاتحاد الديمقراطي تراجع خطوة إلى الوراء وليس إلى الأمام تلبيةً لتوجيهات من جهات أخرى ما أعاق تطبيق التفاهمات وإنجاحها"، مؤكداً أهمية بلورة الاتفاق الكوردي من أجل المستقبل "ولدينا تجربة مريرة في إقليم كوردستان تتعلق بخسائر الانقسام".
وأردف قائلاً: "مستعدون لتقديم كل ما يلزم متى ما توفرت الإرادة لذلك من الجانبين، وعقد مؤتمر بهذا الهدف يحتاج إلى بعض العوامل وضرورة مراعاة خصوصية كل منطقة بشكل واقعي وبما يناسب طبيعتها، واللجوء للحلول السلمية".
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات