كوردستان تي في
ألقى رئيس الوزراء العراقي السابق، مصطفى الكاظمي، اليوم الخميس (27 تشرين الأول 2022)، كلمة وداعية بعد حصول خلفه محمد شياع السوداني وحكومته ثقة مجلس النواب العراقي.
وقال الكاظمي في كلمته المصورة: "أوصي كل القوى السياسية بدعم كل مسعًى للحكومة الجديدة على طريق الاستقرار والنمو والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعدم تعريض المتصدين لهذه المهمة النبيلة إلى الطعن والتنكيل والضغوط والابتزازات".
وأضاف: "واحدة من أهم أولوياتنا، كانت الحفاظ على المال العام وزيادة الخزينة والاحتياط وليس هدر مال الناس، مثل ما يروّج البعض بهدف تشتيت المسؤولية عن المتورطين الفعليين بقضايا فساد، وإحداث بلبلة حتى يكون عندهم مساحةً للتلاعب؛ هذا كله رغم أن حكومتي لم تُمنحْ الموازنة إلا لمدة ستة أشهر فقط"، مشدداً على ضرورة "تحقيق التضامن السياسي لدعم المشاريع الاستراتيجية".
وتابع: "فيما يخصّ الوضع الأمني، نحن نسلّم وضعاً أمنياً متماسكاً تم فيه القضاء على جيوب الإرهاب، وتعزيز القوات الأمنية بمختلف صنوفها، بالتدريب المهني والتجهيز والتسليح".
وأشار إلى أن العراق "ليس بلداً استثنائياً في ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. التأريخ يحدثنا عن تجارب عديدة من سنغافورة ودولة الإمارات إلى كوريا الجنوبية وراوندا، وغيرها الكثير، تجاوزت فيها تلك الشعوب الأزمات عندما نظرت نخبها السياسية إلى الواقع برؤية تضامنية مسؤولة، وليس بمنطق التغانم، ومحاولة امتصاص الموارد، والصفقات الحزبية"، مبيناً: "بإمكان شعبنا تجاوز كل الأزمات؛ ليصنع واقعاً ومستقبلاً يليق به، بشرط الولاء للوطن، وأن يدرك الجميع أنْ لا طريق إلا بالحوار والتفاهم ومصارحة الشعب بالحقائق واحترام المؤسسات الدستورية".
ومضى بالقول: "أثبت الواقع بطلان كل ما نفثوه من سموم وأباطيل، بدأت قبل تسلمنا المسؤولية حتى اليوم ضمن حملة ممنهجة ذات طابع سياسي انتقامي تستهدف كل جهد وإنجاز ونجاح قامت به هذه الحكومة"، لافتاً إلى أن "الضغوط الحزبية والابتزاز السياسي لأي حكومة سوف يعيق استكمال الإصلاحات الإداريّة والاقتصادية، ومواجهة تحديات المستقبل، بل ويعيق واجب القضاء على الفساد الذي ما يزال –للأسف- يمتلك أذرعاً قوية، ويحتاج إلى موقف وطنيّ شامل وجاد لانتزاعه من خلال دعم الإصلاح واحترام القانون".
وحول العلاقات الخارجية، أوضح الكاظمي: "نسلّم المسؤولية اليوم للحكومة الجديدة والعراق يحظى بتقدير إقلمي ودولي متزايد، وأصبح وجهةً لحلّ الخلافات المعقدة، وتعقد فيه المؤتمرات الإقليمية والدولية".
وفيما يلي نص الكلمة:
شعبنا الكريم العزيز
أتحدث إليكم اليوم، وأنا أسلّم الأمانة الوطنية في قيادة العراق إلى أخي دولة الرئيس محمد شياع السوداني، الذي صوّت مجلس النواب على برنامجه الحكومي، متمنياً له التوفيق في أداء الواجب الوطني، وإكمال مسيرة خدمة شعبنا، موصياً كل القوى السياسية بدعم كل مسعًى للحكومة الجديدة على طريق الاستقرار والنمو والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعدم تعريض المتصدين لهذه المهمة النبيلة إلى الطعن والتنكيل والضغوط والابتزازات على حساب مصالح الناس والوطن.
بكل شرف واعتزاز، نسلّم الأمانة والبلد ليس فقط بحال أفضل، وإنما والعراق هو أسرع اقتصاد عربي نمواً في العام 2022، بمعدلات 9.3 بالمئة بحسب صندوق النقد الدولي؛ في الوقت الذي يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤاً واسعاً.
بالأرقام... استلمنا الاحتياطي النقدي 49 مليار دولار، والاحتياطي اليوم 85 مليار دولار؛ استلمنا احتياطي الذهب 95 طناً، والآن 134 طناً.
استلمنا خزينةً شبه خاوية، حتى رواتب الموظفين ما كان بالإمكان دفعها. اليوم خزينة البلاد عامرة بحمد الله، وهي بانتظار موازنة مسؤولة ونزيهة لصرف الموارد في بناء الوطن والاستثمار في الإنسان العراقي.
واحدة من أهم أولوياتنا، كانت الحفاظ على المال العام وزيادة الخزينة والاحتياط وليس هدر مال الناس، مثل ما يروّج البعض بهدف تشتيت المسؤولية عن المتورطين الفعليين بقضايا فساد، وإحداث بلبلة حتى يكون عندهم مساحةً للتلاعب؛ هذا كله رغم أن حكومتي لم تُمنحْ الموازنة إلا لمدة ستة أشهر فقط.
قلناها سابقاً، ونقولها اليوم، إن الأزمة الاقتصادية تحتاج إلى إجراءات عقلانية طويلة المدى، وضعنا أسسها في إصلاحات اقتصادية نتمنى أن يتمّ الاستـمرار بها؛ لحماية مستقبل أجيالنا.
من الضروري تحقيق التضامن السياسي لدعم المشاريع الاستراتيجية مثل: ميناء الفاو الكبير، الذي تقدّم خطوات كبيرةً مؤخراً، ومشاريع الغاز والطاقة والطاقة البديلة والمستشفيات والمدارس ومشاريع الإعمار والإسكان، التي دخلت الخدمة أو التي ما زالت في طور الإنشاء؛ وإنّ الحفاظ على مستوى النمو الاقتصادي الذي تحقّق، وتطويره، يحتاج إلى تكاتف بين الجميع بروح الأخوّة لا بروح التصادم الذي يضعف الوطن ويستنزف قدراته، ويفوّت الفرص في تحقيق تطلعات الشعب.
فيما يخصّ الوضع الأمني، نحن نسلّم وضعاً أمنياً متماسكاً تم فيه القضاء على جيوب الإرهاب، وتعزيز القوات الأمنية بمختلف صنوفها، بالتدريب المهني والتجهيز والتسليح، مما أدى إلى ارتفاع التصنيف العالمي للجيش العراقي من 57 إلى 34، وسيكون على الحكومة الجديدة البناء على كل ذلك وتطويره، واستـمرار دعم الجيش وأجهزة الأمن، وحفظ السلم الاجتماعي.
إن الأزمة الاجتماعية التي صاحبت التظاهرات الشعبية في تشـرين وما بعدها، كرّست أجواء انعدام الثقة بين الشعب وأجهزة الدولة، وسالت دماء زكية كثيرة وبريئة من أبناء شعبنا. بذلنا كل جهد لأجل استعادة ثقة الشعب بالدولة، وعملنا بقوة من خلال تدريب قواتنا على التعامل السلمي مع المتظاهرين، وحظر استخدام العنف والسلاح تجاهم. واعتمدنا سياسة الاعتراف بالتضحيات الكبيرة التي قدّمها شباب العراق وشاباته، وعوّضنا عوائل المتضـررين، وحفظنا حقوقهم وندعو كذلك إلى استكمال هذا الواجب.
شعبي الكريم...
ليس العراق بلداً استثنائياً في ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. التأريخ يحدثنا عن تجارب عديدة من سنغافورة ودولة الإمارات إلى كوريا الجنوبية وراوندا، وغيرها الكثير، تجاوزت فيها تلك الشعوب الأزمات عندما نظرت نخبها السياسية إلى الواقع برؤية تضامنية مسؤولة، وليس بمنطق التغانم، ومحاولة امتصاص الموارد، والصفقات الحزبية.
نعم... بإمكان شعبنا تجاوز كل الأزمات؛ ليصنع واقعاً ومستقبلاً يليق به، بشرط الولاء للوطن، وأن يدرك الجميع أنْ لا طريق إلا بالحوار والتفاهم ومصارحة الشعب بالحقائق واحترام المؤسسات الدستورية.
شعبنا العزيز...
لقد نفّذتْ هذه الحكومة واجبها بإجراء انتخاباتّ عادلة ونزيهة بشهادة وإشادة الجميع داخلياً، وعلى المستوى الدولي، رغم كل الاتهامات الظالمة والأكاذيب التي وجهت إلينا، مع إننا لم نشاركْ في تلك الانتخابات؛ لحماية نزاهتها، ودعمنا كل جهد لتشكيل الحكومة وفق الدستور، وتعهّدنا بتسليم الأمانة، وحفظ التداول السلمي للسلطة وفعلنا.
وأثبت الواقع بطلان كل ما نفثوه من سموم وأباطيل، بدأت قبل تسلمنا المسؤولية حتى اليوم ضمن حملة ممنهجة ذات طابع سياسي انتقامي تستهدف كل جهد وإنجاز ونجاح قامت به هذه الحكومة.
ومن واجبي النصيحة بأن الضغوط الحزبية والابتزاز السياسي لأي حكومة سوف يعيق استكمال الإصلاحات الإداريّة والاقتصادية، ومواجهة تحديات المستقبل، بل ويعيق واجب القضاء على الفساد الذي ما يزال –للأسف- يمتلك أذرعاً قوية، ويحتاج إلى موقف وطنيّ شامل وجاد لانتزاعه من خلال دعم الإصلاح واحترام القانون.
نسلّم المسؤولية اليوم للحكومة الجديدة والعراق يحظى بتقدير إقلمي ودولي متزايد، وأصبح وجهةً لحلّ الخلافات المعقدة، وتعقد فيه المؤتمرات الإقليمية والدولية مثل: مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون. لقد فتحت حكومتي آفاق تعاون واسعة مع أشقاء العراق وجيرانه، ومع المجتمع الدولي وسياسة العراق الخارجية انسجمت مع تطلعات شعبنا المسالم التوّاق إلى التقدم والازدهار والرفاه، والمتمسك بأصالته وسيادته وروحه الوطنية.
فالشكر كل الشكر، إلى شعبنا العزيز الذي دعمنا طوال المرحلة الماضية.
الشكر إلى مقام المرجعية الرشيدة، التي كانت وسوف تبقى صمام أمان لهذا الوطن.
أشكر كل شباب العراق وشاباته، الذين أثبتوا بتضحياتهم حرصهم على الوطن وإدراكهم للتحديات.
أشكر القوات العسكرية والأمنية، بكل صنوفها، التي صبرت من أجل حماية العراق وأهله.
أشكر كادر الدولة، من وزراء ووكلاء ومدراء وصولاً لكل موظف، حافظ على الأمانة رغم المصاعب والتحديات والمغريات.
أشكر كل الداعمين، الذين ما بخلوا علينا بالنصح والمشورة والنقد البنّاء وحتى النقد القاسي.
أشكر الفريق المهني الذي رافقني طوال هذه المهمة النبيلة، غير مبالٍ بالتهديدات والتجاوزات.
أشكر دول العالم وحكوماتها كافة، الشقيقة والصديقة، التي وقفت معنا وما زالت، لنتجاوز الصعوبات ونواجه الإرهاب وندحره.
والشكر والعرفان لكل العراقيين، في كل بيت وحي ومدينة على امتداد الوطن، الذين كانوا أهلي وسندي وحزبي منذ لحظة تولي المسؤولية، وسيبقى دينهم وفضلهم في عنقي.
السلام على العراق...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات