أربيل 13°C الثلاثاء 26 تشرين الثاني 15:28

من وراء الكواليس.. رويتز: السيستاني هو وحده الذي نزع فتيل الكارثة ومنع انزلاق العراق للحرب مرة أخرى

لم يصدر عن السيستاني تعليق علني بخصوص الاضطرابات التي اندلعت في شوارع العراق
کوردستان TV
100%

كوردستان تي في


لم يكن يملك العراق القدرة على منع نشوب حرب أهلية سوى المرجع الديني آية الله علي السيستاني (92 عاما) والذي أثبت مرة أخرى أنه أقوى رجل في بلده، وفق ما يقول مسؤولون حكوميون ومصادر شيعية مطلعة.

ولم يصدر عن السيستاني تعليق علني بخصوص الاضطرابات التي اندلعت في شوارع العراق، لكن المصادر تقول، وحسب ما نقلت رويترز، اليوم السبت (3 أيلول 2022)، إن "موقف السيستاني من وراء الكواليس هو وحده الذي نزع فتيل الكارثة".

وتُظهر أحداث الأسبوع الأكثر دموية في العراق منذ ما يقرب من ثلاث سنوات حدود السياسة التقليدية في بلد تقع فيه سلطة بدء الحروب ووقفها في أيدي رجال دين، كثير منهم تربطهم علاقات غامضة بإيران، القوة الشيعية المجاورة.

وألقى العراقيون الذين نزلوا إلى الشوارع باللوم على طهران في تأجيج العنف، الذي بدأ بعد أن ندد رجل دين مقيم في إيران بزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر الذي يتمتع بشعبية واسعة، وأصدر تعليمات لأتباعه، بمن فيهم الصدر نفسه، بإطاعة أمر الزعيم الإيراني الأعلى.

وبعد دخول انصار التيار الصدري الى المباني الحكومية، أطلق مسلحون يُعتقد أنهم أعضاء في فصيل مسلح موال لإيران النار على المتظاهرين الصدريين وقُتل ما لا يقل عن 30 شخصا.

وبعد ذلك، وفي غضون 24 ساعة، خرج الصدر ودعا إلى الهدوء. وبدأ أنصاره المسلحون وأتباعه غير المسلحين يغادرون الشوارع، ورفع الجيش حظر تجول ليلي وخيم هدوء هش على العاصمة.

رويترز قالت إنها تحدثت مع ما يقرب من 20 مسؤولا من الحكومة العراقية والتيار الصدري وفصائل شيعية منافسة يُنظر إليها على أنها موالية لإيران. وتحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

ووفقا للمسؤولين، فقد سعى مكتب السيستاني إلى أن يوضح للصدر أنه ما لم يوقف عنف أتباعه، فإن السيستاني سوف يندد بالاضطرابات.

وقال مسؤول بالحكومة العراقية "بعث السيستاني برسالة إلى الصدر مفادها أنه إذا لم يوقف العنف فسيضطر السيستاني إلى إصدار بيان يدعو إلى وقف القتال- وهذا من شأنه أن يجعل الصدر يبدو ضعيفا، وكأنه قد تسبب في إراقة الدماء بالعراق".

ولم تؤكد ثلاث شخصيات شيعية مقرها النجف ومقربة من السيستاني، أن مكتبه بعث برسالة صريحة إلى الصدر. لكنهم قالوا إنه "كان من الواضح للصدر أن السيستاني سيتحدث قريبا ما لم يوقف الصدر الاضطرابات".

وأدى تدخل السيستاني إلى تفادي إراقة الدماء على نطاق أوسع في الوقت الحالي، لكنه لا يحل مشكلة الحفاظ على الهدوء في بلد يقع فيه جانب كبير من السلطة خارج النظام السياسي، في أيدي رجال الدين الشيعة، بمن فيهم رجال دين تربطهم علاقات قوية بإيران.

ولا يوجد خليفة واضح للسيستاني، الذي تدخل بشكل حاسم في لحظات حرجة في تاريخ العراق منذ التدخل الأميركي الذي أطاح بنظام صدام حسين. ولا يُعرف الكثير عن حالته الصحية برغم تقدمه في العمر.

وفي الوقت نفسه، فإن العديد من الشخصيات الشيعية الأكثر نفوذا- بمن فيهم الصدر نفسه في مراحل مختلفة من حياته المهنية- قد درسوا وعاشوا وعملوا في إيران، وهي دولة دينية لا تفصل نفوذ رجال الدين عن سلطة الدولة.

واندلعت أعمال العنف الأسبوع الماضي بعد أن أعلن آية الله كاظم الحائري، وهو رجل دين شيعي بارز وُلد في العراق ويعيش في إيران منذ عقود، اعتزال الحياة العامة وإغلاق مكتبه بسبب تقدمه في السن. وهذه خطوة غير مسبوقة فعليا في تاريخ الشيعة، حيث يتم تبجيل كبار رجال الدين عادة حتى وفاتهم.

واختار والد الصدر، وهو أيضا مرجع شيعي بارز اغتاله نظام صدام حسين في عام 1999، الحائري مرشدا روحيا لحركة الصدر. وفي إعلانه عن اعتزال الحياة العامة، ندد الحائري بالصدر لتسببه في انقسامات بين الشيعة، ودعا أتباعه إلى إطاعة أمر الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي.

وأوضح الصدر علنا أنه يلقي باللوم في تدخل الحائري على أطراف خارجية، في إشارة ضمنية إلى طهران. وقال على تويتر "...اعتزال المرجع لم يك من محض إرادته".

وقال عضو بارز في حركة الصدر مقره بغداد إن الصدر غاضب. وقال "الحائري كان المرشد الروحي للصدر. اعتبر الصدر ذلك خيانة تهدف إلى سلب شرعيته الدينية كزعيم شيعي، في وقت يصارع فيه الجماعات المدعومة من إيران على السلطة".

مسؤولون في التيار الصدري في النجف، قالوا: إن "هذه الخطوة تعني أنه كان على الصدر الاختيار بين طاعة مرشده الروحي، الحائري، واتباع خامنئي، أو رفضه وربما إغضاب شخصيات أكبر سنا في حركته كانت مقربة من والد الصدر".

وبدلا من ذلك، أعلن الصدر انسحابه من الحياة السياسية تماما، وهي خطوة دفعت أتباعه إلى النزول إلى الشارع.

ويقول خبراء في الشأن الشيعي إن "تحرك الحائري لإغلاق مكتبه وتوجيه أتباعه لإطاعة الزعيم الإيراني كان سيبدو مريبا على أي حال في السياق العراقي، حيث التلميحات إلى التدخل الإيراني شديدة الوضوح".

وقالت مارسين الشمري الباحثة في كلية كنيدي بجامعة هارفارد "هناك سبب قوي للاعتقاد بأن هذا نتيجة للضغط الإيراني- لكن ينبغي ألا ننسى أن الحائري كانت لديه أيضا خلافات مع الصدر في الماضي".

وأضافت "أنه يوجه أتباعه إلى اتباع خامنئي في وقت لا توجد فيه ضرورة (دينية) للقيام بذلك. كما يبدو من المستبعد أن يغلق شخص في مكانته مكاتبه التي ربما تكون مربحة للغاية".

مع احتدام المعارك المسلحة في وسط بغداد والتزم الصدر الصمت قرابة 24 ساعة، حاولت شخصيات دينية شيعية من جميع أنحاء العراق إقناع الصدر بوقف العنف، وأشار مسؤولون في إيران ولبنان الى أن "شخصيات شيعية في البلدين انضمت إلى تلك الجهود"، وأضافوا أنه "تم توجيه الضغوط على الصدر عبر مكتب السيستاني في النجف".

وذكر مسؤول بالحكومة العراقية "الإيرانيون لا يتدخلون بشكل مباشر. إنهم متأثرون برد الفعل القوي المناهض لنفوذهم في العراق ويحاولون التأثير على الأحداث من بعيد".

وساد الهدوء بغداد يوم الجمعة لكن الجمود لا يزال قائما.

ويصر الصدر على إجراء انتخابات جديدة، بينما تريد بعض الجماعات المدعومة من إيران المضي قدما لتشكيل حكومة. واندلعت اشتباكات في أواخر الأسبوع في جنوب العراق الغني بالنفط.

الأخبار الشرق الاوسط العراق

التعليقات (0)

لا يوجد إلى الآن أي تعليقات

اكتب تعلیقاً

هل ترغب بتلقی الإشعارات ؟
احصل على آخر الأخبار والمستجدات