كوردستان تي في
مثلما ان الجريمة لا تسقط بالتقادم فان الحقوق المترتبة عليها لصالح الضحايا تبقى ماثلة، ومن هذا المنطلق تسعى القيادات الكوردستانية الى اعادة التذكير بالحقوق المشروعة لضحايا جرائم الابادة الجماعية ومنها جرائم الانفال، وعدم الكف عن مطالبة الحكومات الاتحادية بها.
لم يحدد الدستور العراقي فترة زمنية لإنفاذ قوانين العدالة الانتقالية، وأوجد مادة دستورية ثابتة لا يزال معمولا بها وهي المادة ١٣٢ الخاصة بإنصاف وتعويض المتضررين وضحايا النظام البائد، والقوانين التي انبثقت عنها، ومنها القانون رقم ٣ لعام ٢٠٠٦ والخاص بشمول جميع العراقيين من ضحايا النظام البائد بالتعويضات، والقانون رقم ١٦ لعام ٢٠١٠ والذي يحدد الاضرار المادية مستحقة التعويض، فيما اكملت المحكمة الجنائية العليا عملية ثبيت الحقوق عندما اعتبرت في عام ٢٠١١ جريمة الانفال، جريمة ابادة جماعية.
وتعاملت الحكومات المتعاقبة بازدواجية في تنفيذ المادة الدستورية والقوانين المتعلقة بها، فنفذت الجزء الخاص بضحايا النظام البائد في مدن وسط وجنوبي العراق وفتحت أبواب الصرف مشرعة لذوي الشهداء والسجناء السياسيين، كما كانت في غاية الكرم والبذخ مع محتجزي مخيم رفحاء رغم ان اكثرهم آن لم يكن جميعهم واتتهم فرص جيدة للحياة في دول اكرمت وفادتهم، بل واستفادت منها حتى ذرياتهم لكنها امسكت قبضتها تجاه ضحايا الشعب الكوردي.
ويؤكد سياسيون ان التجاذبات والخلافات بين بغداد وأربيل كانت سببا في غمط حقوق ذوي الضحايا من الكورد، لكن هؤلاء لم يشيروا الى الذنب الذي اقترفه الضحايا فانعكست الخلافات عليهم.
ان واجب التعويض المادي والمعنوي في قضية ماساوية كالانفال وقصف حلبجة بالاسلحة الكيماوية اشد ضرورة من سواها خاصة مع الصور الماساوية التي حصلت منذ لحظة اقتلاع الضحايا من بيوتهم الآمنة وحتى لحظة دفنهم احياء.
الصور هذه وبشهادة من عايشوها، لا تقل حزنا وايلاما ومأساوية عن مشهد قتل وسبي آل بيت الرسول الكرام صلى الله عليه وآله وسلم، ومن نافلة القول ان العراق استمر ولا يزال في دفع تعويضات هائلة من امواله للمتضررين نفسيا من حرب الكويت، والأشهر بينها التعويضات المليونية التي حصل عليها طفل اميركي قام رئيس النظام البائد بالتربيت على كتفه حين استقبله وعائلته بعد احتجازهم كرهائن، ومثله العشرات من مواطني دولة لم تشترك في حرب تحرير الكويت زعموا تضررهم نفسيا من صوت سقوط بعض الصواريخ، واخرهم نحو ٨٠ الف عامل مصري، فقدوا او هكذا يدعون، فرص عملهم في الكويت، اذ يدفع العراق مرتباتهم ولا يزال، والامثلة كثيرة.
ان استكثار القوى الحاقدة على الاقليم ان يحصل ذوو ضحايا الانفال وقصف حلبجة بالسلاح الكيماوي على تعويضات مادية ومعنوية ليس له تفسير سوى اعتمال النفس الشوفيني في دواخلهم، والذي غذاه حقدهم وحسدهم مما يحققه الاقليم من انجازات عمرانية ونهضة مدنية كانت دماء الضحايا احد دعائم قيامها.
هؤلاء المغشية عيونهم بطبقة من الكراهية، غاب عن تفكيرهم إن بقاء ضحايا جرائم النظام البائد بلا تعويضات مادية ومعنوية وبلا تطييب خواطر ليس في صالح العراق الذي يراد لشعوبه العيش بتآخِ ومحبة وسلام.
أن اغفال الحكومات المتعاقبة تطبيق القوانين الخاصة بضحايا الانفال وجرائم الابادة الجماعية يعد مخالفة دستورية صريحة كان على رؤساء الجمهورية المتعاقبين باعتبارهم حماة الدستور منعها والتصدي لها، واذا كان حقوقيون ينصحون بالضغط لتشريع قانون جديد يخص ضحايا جرائم الابادة الجماعية حصرا لحل الاشتباك مع القوانين الاخرى والتخفيف عن كاهل الهيئات المعنية، فأن اخرين ينصحون بأن يلجأ الاقليم الى المجتمع الدولي لاستحصال هذا الحقوق، وقبلها الاعتراف الدولي باعتبار أن ما حصل في آذار عام ٨٨ جرائم ضد الانسانية وإبادة جماعية.
تقرير.. كمال بدران
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات