تقرير: رفعت حاجي ..Kurdistan tv
تميزت علاقة المستشارة الألمانية انغيلا ميركل مع سادة البيت الأبيض السابقين بالتقارب والصداقة عبر أكثر من عقد من الزمن إلى أن حط ترامب رحاله في واشنطن. وفجأة تتحول نقاط التقارب بين برلين وواشنطن إلى ملفات خلافية.
أثنى الرئيس الأمريكي بالكثير من كلمات الود والتقدير على ضيفته المستشارة الألمانية انغلا ميركل، لكنه في الجوهر بقي على مواقفه الخلافية بشأن ملفات عديدة بينها ملف النووي الإيراني وملف التجارة بين جانبي الأطلسي.
بالكثير من كلمات الثناء والكثير من مراسم الود والتقدير حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يغلف مواقفه الصلبة إزاء الملفات الخلافية بينه وبين المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، عندما استقبلها في البيت الأبيض بعد ظهر اليوم الجمعة (27 نيسان/أبريل 2018). الخلافات باتت أكثر وضوحا فيما يخص الموقف من الاتفاق النووي الإيراني وفيما يخص الموقف من ملف الإجراءات الجمركية الأمريكية التي يعتزم الرئيس الأمريكي بداية الشهر المقبل اتخاذها.
وفي شأن الاتفاق النووي الإيراني، قال ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع ميركل، إننا اتفقنا على مواجهة سلوك إيران المتطرف في سوريا. وقال إن الدول الغنية في المنطقة ستبدأ المساهمة بصورة أكبر في سوريا مقابل المساعدات الضخمة التي نقدمها.
وأضاف ترامب أنه تم بحث سبل منع إيران من امتلاك سلاح نووي مشيرا إلى أن الاتفاق النووي لم يعد كافيا، متعهدا بألا تحصل طهران على سلاح نووي. وأوضح أن نظام إيران ينشر الفوضى في المنطقة. وقال الرئيس الأمريكي إن إيران لن تمتلك أسلحة نووية، لكنه امتنع عن التعليق على ما إذا كان قد يفكر في استخدام القوة ضدها. وأضاف في المؤتمر الصحفي المشترك مع المستشارة الألمانية ميركل "أنا لا أتحدث عما إن كنت سأستخدم القوة العسكرية أم لا... لكنني أستطيع أن أقول لكم هذا.. لن يمتلكوا أسلحة نووية. أستطيع أن أقول لكم هذا؟ حسنا.. لن يحصلوا على أسلحة نووية. يمكنكم أن تعولوا على هذا".
من جانبها، اعتبرت ميركل في المؤتمر الصحفي المشترك أن الاتفاق الموقع مع إيران حول ملفها النووي غير كاف لاحتواء طموحات طهران. وقالت ميركل "نعتبر الاتفاق النووي الإيراني مرحلة أولى ساهمت في إبطاء أنشطتهم على هذا الصعيد بصورة خاصة (...) لكننا نعتقد أيضا من وجهة نظر ألمانية أن هذا غير كاف لضمان كبح طموحات إيران واحتوائها".
وفي شأن ملف التجارة عبر الأطلسي، قالت ميركل إن على الاتحاد الأوروبي وألمانيا مواصلة المباحثات مع الولايات المتحدة للتوصل إلى شروط تجارية عادلة. وذكرت ميركل بعد مباحثات أجرتها مع ترامب أن ألمانيا خفضت فائضها التجاري مع الولايات المتحدة بالفعل. إلا أنها أبدت تفهمها أن هذا الحد لا يكفي الرئيس ترامب حتى الآن.
ولم ترغب ميركل في الإدلاء بتصريحات عن العقوبات الجمركية الأمريكية التي تهدد إدارة ترامب بتطبيقها منذ الأول من أيار/ مايو المقبل على واردات الاتحاد الأوروبي من الصلب والألومنيوم، قائلة "إن هذا الأمر يعود إلى الرئيس ليقرره".
وقالت المستشارة الألمانية إنها لا تستبعد اتفاقا ثنائيا للتجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مضيفة أن منظمة التجارة العالمية غير قادرة على انتاج اتفاقيات متعددة الأطراف. ومتحدثة في المؤتمر الصحفي قالت ميركل "نريد تجارة تتماشي من النظام التجاري المتعدد الأطراف لمنظمة التجارة العالمية، لكننا نعترف أيضا بأنه لسنوات كثيرة جدا فإن منظمة التجارة العالمية كانت غير قادرة على إنجاز اتفاقية دولية". وأضافت قائلة إنها لهذا لا تستبعد مفاوضات ثنائية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
في الوقت ذاته أشارت المستشارة إلى أن الحكومة الألمانية تعتزم رفع نفقات الدفاع خلال 2019 إلى 1.3 بالمائة من إجمالي ناتجها المحلى، مشيرة إلى أن ألمانيا تؤيد الهدف الذي تم التوافق عليه مع الرئيس ترامب في رفع هذه النفقات بحلول 2024 إلى 2 بالمائة من إجمالي الناتج المحلى .
وفي ملف التعامل مع روسيا أبدت المستشارة ميركل تفهمها للموقف الأمريكي فيما يخص العقوبات التي أقرها الكونغرس الأمريكي ضد موسكو بسبب موقفها من أوكرانيا.
نقاط خلاف ساخنة على طاولة ميركل وترامب
بقيت ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية حليفين مقربين، إلى حين انتخاب دونالد ترامب. بعد ذلك تغير هذا التقارب وبدأت تظهر العديد من نقاط الخلاف الساخنة بين البلدين، بدءاً من الإنفاق العسكري ومروراً إلى التجارة العالمية.
لطالما كانت ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية توصفان بالحليفين المتقاربين في مجالات عدة، لكن مع انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحول هذا التقارب إلى خلاف. وتمثل سياسة الهجرة واللجوء أكبر نقاط هذا الخلاف الساخن. في مايلي أبرز نقاط الخلاف بين البلدين:
إيران
تعتبر ألمانيا من أكبر المؤيدين لـ"خطة العمل المشتركة الشاملة" (JCPOA)، والمعروفة بالاتفاق النووي مع إيران. وتلزم اتفاقية عام 2015 طهران بالحد من أهدافها النووية. في المقابل، تم تخفيف العقوبات المفروضة عليها من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. برلين ترى في هذه الاتفاقية ضماناً على أن إيران لن تقوم بتطوير أسلحة نووية. غير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرى هذه الاتفاقية بشكل مختلف تماماً. بالنسبة له فإن الصفقة مع إيران هي "أسوأ صفقة على الإطلاق". ويتهم الرئيس الأمريكي إيران بعدم الالتزام بالاتفاقيات ويرفض تجديد التصديق على الاتفاقية الذي يحدث مرة كل 120 يومًا. ويهدد ترامب بإلغاء الخطة بأكملها، الأمر الذي سيسبب مشكلة كبيرة في برلين ودول في أوروبا.
التجارة العالمية والرسوم الجمركية العقابية
بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن العجز التجاري الكبير للولايات المتحدة الأمريكية مع ألمانيا والبالغ 52.5 مليار يورو، هو دليل على وجود علاقات تجارية غير متكافئة بين البلدين. وندد ترامب بهذا الوضع وقال بأنه ابتداءً من الأول من أيار/ مايو، يمكنه فرض رسوم جمركية عقابية على واردات الصلب الأوروبي، وبالتحديد صادرات السيارات الألمانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وقد ساهمت سياسة ترامب الحمائية في تعطيل المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة عبر الأطلسي (TTIP).
ولأن ألمانيا تلتزم بتحرير التجارة العالمية، تود إحياء اتفاقية التجارة الحرة عبر الأطلسي (TTIP). وتترقب المفوضية الأوروبية تحفيزاً إضافياً قدره 120 مليار يورو. وتشير ألمانيا إلى أن الرسوم الجمركية الأوروبية على الواردات الأمريكية في المتوسط أقل من الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الأوروبية. وبالرغم من ذلك جمهورية ألمانيا الاتحادية مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات على الاتفاقيات الجمركية لعام 1994 مع الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن في حال شن ترامب حرباً تجارية، فإن ألمانيا ستقترح في المقابل فرض رسوم جمركية أوروبية على المنتجات الأمريكية مثل الدراجات النارية هارلي ديفيدسون والجينز الأزرق و بوربون ويسكي.
الإنفاق العسكري الألماني
من بين جميع دول الناتو تعرضت ألمانيا إلى انتقادات شديدة من دونالد ترامب بسبب إنفاقها العسكري المنخفض. ويرى ترامب أن ألمانيا تتمتع بحماية الناتو، دون تقديم مساهمة مالية مناسبة. وإذا كان الأمر متروكاً له، فعلى برلين الاستثمار بنسبة اثنين في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الجيش الألماني، على النحو المتفق عليه في اجتماع الناتو عام 2014.
في العام الماضي، أنفقت ألمانيا حوالي 1.2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، أي حوالي 37 مليار يورو. ووفقاً لاتفاق الائتلاف، فإن هذا الإنفاق سوف يزداد ببطء خلال السنوات الأربع القادمة، لكنه لن يصل إلى الهدف المطلوب والذي هو اثنين في المائة. من جهة أخرى، تريد برلين أن توضح أن المبالغ الضخمة، التي وصلت عام 2016 إلى حوالي 23.3 مليار يورو، والتي تدفعها ألمانيا في المساعدات التنموية، هي مساهمة منها أيضاً في منع الأزمات وبالتالي تصب في حماية الأمن العالمي.
البيئة
حتى لو لم تلتزم ألمانيا ببنود اتفاقية باريس، فإن الحكومة الألمانية تعتبر الاتفاق خطوة مهمة في مكافحة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والاحتباس الحراري العالمي. غير أن ترامب يرى عكس ذلك. فقد قام الرئيس الأمريكي بإنهاء التزام بلاده بالاتفاقية بشكل تعسفي وفي أقرب تاريخ ممكن وهو تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2020. ولكن بين الحين والآخر يعطي ترامب الوعود بأن الأميركيين قد ينضمون إلى اتفاقية باريس للمناخ مجددا. إلا أن برلين على ما يبدو قد استسلمت لحقيقة أنه لن يكون هناك أي تقدم في شأن موضوع المناخ مع الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب.
المهاجرون واللاجئون
سياسة الهجرة واللجوء هي من أكبر نقاط الخلاف الساخنة بين ترامب وميركل. ففي حين كان "جدار الحماية" بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك هو المطلب الأساسي في حملة ترامب الانتخابية، سمحت أنغيلا ميركل لأكثر من مليون أجنبي بالحصول على الحماية خلال أزمة اللاجئين في الفترة ما بين عامي 2015 و2016. وبعد وقت قصير من انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، قال ترامب لصحيفة "بيلد" الألمانية إن ميركل ارتكبت "خطأً كارثياً للغاية، حين سمحت لكل هؤلاء المجرمين بالدخول إلى البلاد". من جهتها تشكك المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في ما إن كان جدار ترامب قادراً على حل مشكلة الهجرة غير القانونية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
مشروع خط أنابيب "نوردستريم"
من جهة أخرى يراقب ترامب مشروع خط أنابيب الغاز "تيار الشمال 2" من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق بتحفظ كبير. فبحسب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، فإن ألمانيا تعتمد في هذا المشروع على الكرملين وسوف تدفع من أجله ثمناً باهظاً "بمليارات الدولارات". ويرى ترامب أن هذا الأمر غير مقبول. وتشارك قلق ترامب هذا أيضاً بعض الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي في أوروبا. من ناحية أخرى، تعتقد برلين أن واشنطن ترغب في تصدير المزيد من غاز البترول المسال الأمريكي نحو أوروبا.
ولأن ألمانيا تلتزم بتحرير التجارة العالمية، تود إحياء اتفاقية التجارة الحرة عبر الأطلسي (TTIP). وتترقب المفوضية الأوروبية تحفيزاً إضافياً قدره 120 مليار يورو. وتشير ألمانيا إلى أن الرسوم الجمركية الأوروبية على الواردات الأمريكية في المتوسط أقل من الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الأوروبية. وبالرغم من ذلك جمهورية ألمانيا الاتحادية مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات على الاتفاقيات الجمركية لعام 1994 مع الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن في حال شن ترامب حرباً تجارية، فإن ألمانيا ستقترح في المقابل فرض رسوم جمركية أوروبية على المنتجات الأمريكية مثل الدراجات النارية هارلي ديفيدسون والجينز الأزرق و بوربون ويسكي.
ترامب وتحطيم الاتحاد الأوروبي.. عندما يحمل الحليف معول الهدم!
يسير ترامب إلى تدمير إرث من العمل المشترك الذي جمع بلاده بالاتحاد الأوروبي، إذ نقل ترامب أمريكا من حليفة للأوروبيين إلى خصم لهم، لدرجة أن هناك من يقول: ترامب لا يحمل شعار أمريكا أولاً.. بل المال أولاً!
ويقول غاي فيرهوفشتات، السياسي البلجيكي، في مقابلة مع موقع "نيو أتلانتيك" إن الأوروبيين كانوا دائماً يعتقدون أن أمريكا تقف إلى جانبهم في كل الملفات. لكن الوضع تغير مع دونالد ترامب. ويتحدث فيرهوفشتات، الذي تكفل بمناقشة ترتيبات "البريكسيت" مع بريطانيا بصفته عضواً في البرلمان الأوروبي، أنه للمرة الأولى في التاريخ يرغب رئيس أمريكي بانهيار الاتحاد الأوروبي.
ملفات يستغلها ترامب
لم يكن ترامب ليستمر في مسعاه بتشتيت الاتحاد الأوربي لولا مشاكل كبيرة تعيشها أوروبا في السنوات الأخيرة، من أكبرها نمو حركات اليمين الشعبوي، التي ازدادت شعبيتها في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبولندا وهولندا، بل وصلت قيادات هذا اليمين إلى الحكم كما جرى في المجر. وتتقاطع هذه الحركات مع ترامب في المناداة بالخروج من الاتحاد الأوروبي. ملف الهجرة كذلك يؤرق القادة الأوروبيين، خاصة مع تدفق المهاجرين واللاجئين خلال السنوات الأخيرة، دون نسيان ملف الإرهاب الذي عانت منه القارة مؤخراًّ، بينما كانت أمريكا أكثر صموداً.
لذلك يطالب فيرهوفشتات دول الاتحاد ببذل مجهودات أكبر لإصلاح مؤسسات اتحادهم، وبتحقيق تعاون أكبر في المجال الأمني عبر خلق آليات مشتركة للعمل الاستخباراتي تكون بمثل فعالية الأجهزة الأمريكية. كما عليهم استغلال فرصة تصريحات ترامب حتى يقنعوا الشعب الأمريكي والمؤسسات السياسية الأمريكية بأهمية استمرار أوروبا موحدة ومندمجة، ليس فقط لصالح أوروبا، بل لصالح الولايات المتحدة كذلك.
بين الأمل والاحباط ـ يترقب الرأي العام الألماني مهمة المستشارة أنغيلا ميركل "المستحيلة" لواشنطن
ويعتبرها زيارة غير مضمونة النتائج قد تفاقم الخلافات بين الجانبين. فهل تنجح ميركل في لجم اندفاع ترامب المتأهب لإشعال فتيل حروب على أكثر من جبهة؟
رفعت حاجی..Kurdistan tv
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات