نشرت صحيفة (القدس العربي) تقريراً في عددها الصادر اليوم الأربعاء (24 تموز 2018 حول رغبة أهالي المحافظات العراقية الغربية، و أطلقت عليها تسمية (المحافظات السنية)، في المشاركة بالتظاهرات، مبينة أن هذه الرغبة تصطدم بالأحزاب والفصائل، والقوات الأمنية المنتشرة في هذه المحافظات، والتي ستقمعها بحجة عودة تنظيم داعش حسب قول الصحيفة.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن "أبناء المحافظات السنية لم يشاركوا في الاحتجاجات التي تشهدها العاصمة ومحافظات وسط وجنوب العراق، ما فسره مراقبون بالخشية من اتهامهم بالإرهاب وملاحقتهم في حال عبروا عن تضامنهم بالخروج إلى الشوارع والساحات".
ونقلت الصحيفة عن غانم العابد، وهو المتحدث السابق باسم ساحة "اعتصام الموصل"، عام 2013، أن "معاناة المحافظات السنية التي برزت طيلة عام 2013 لا تزال قائمة، وهي ذات معاناة أهلنا في وسط وجنوب العراق. الخدمات أو البطالة أو الفساد في الدوائر الحكومية وغيرها".
واستبعد العابد خروج المحافظات السنية في هذه المرحلة، "طالما أن المتنفذين في القرار العراقي ما زالوا في مواقعهم، وهم الذين ألقوا اللوم على اعتصامات المحافظات السنية، واتهموها بالتسبب بظهور تنظيم داعش، والسيطرة على المحافظات السنية".
وأضاف: "أعني هنا، نوري المالكي رئيس الوزراء السابق، الذي أنفق ملايين الدولارات لشيطنة الاعتصامات في محافظاتنا"، على حد تعبيره.
وأشار الى أن المحافظات السنية "يمكن لها أن تخرج في تظاهرات مماثلة إذا تصاعدت وتيرة احتجاجات أهل الجنوب، واستجابت الحكومة لمطالبهم"، وفق المصدر، الذي بين أن "في هذه الحالة سيدرك العرب السنة أن تقديم الخدمات الأساسية وإعادة الإعمار لن تقوم به الحكومة دون ضغط شعبي عن طريق التظاهر".
كما نقلت الصحيفة عن الأكاديمي بسمان السامرائي، أن من بين أهم الأسباب التي جعلت السنة غير فعالين في الاحتجاجات الأخيرة، "أن أبناء الجنوب لم يتضامنوا مع العرب السنة عندما اعتصموا عاماً كاملاً. بل على العكس كان أبناؤهم في القوات الأمنية يهاجمون ساحات الاعتصام وينكلون بالمعتصمين ويحرقون خيمهم ويقتلون العشرات منهم، كما حدث في ساحة الحويجة دون موقف انكار من قادة المجتمع في الجنوب".
ولفت السامرائي إلى أن "معظم العرب السنة، الذين شاركوا في الاعتصامات، هم الآن مهجرون وبعضهم يعيش في المخيمات أو خارج العراق ولم يعد للمدن إلا القلة منهم بسبب الدمار الذي لحق بها، فضلاً عن التهم الجاهزة التي ستستخدمها القوات الأمنية ذريعة للبطش والتنكيل بهم مثل (صداميون وبعثيون وتكفيريون ودواعش)".
وبيّن أن العرب السنة "حتى الآن، لا يثقون بإمكانية استمرار التظاهرات طويلاً، وأنها قد تنتهي بمجرد نداء من المرجعية أو فتوى ستجعل من العرب السنة في حال مشاركتهم، وحدهم في الساحات والشوارع، ويتعرضون للقمع مرة أخرى".
ولا ينكر السامرائي، "رغبة العرب السنة الشديدة بالمشاركة في التظاهرات الحالية، في حال ضمنوا التعامل معهم من قبل الحكومة دون اعتبارات طائفية".
في السياق ذاته، نقلت الصحيفة عن الأكاديمي فؤاد العاني، أن "عدم وجود تضامن أو مساندة للعرب السنة خلال اعتصامات 2013 من قبل أبناء الجنوب، خلق حالة من التردد وعدم الرغبة في التظاهر في المرحلة الحالية".
وأشار إلى أن "المطالب التي رفعها المعتصمون السنة، هي ذات مطالب أبناء الجنوب اليوم"، ولفت إلى أن "العرب السنة يرون اختلافا بيِّناً في التعامل الحكومي معهم مقارنة بتعامل الحكومة مع متظاهري الجنوب حالياً".
وعبّر السامرائي عن "خشية العرب السنة من تكرار أساليب تعامل القوات الأمنية معهم عام، 2013 في حال خرجوا إلى الشوارع والساحات اليوم، حيث جرى اقتحام مخيماتهم (عام 2013) بالدبابات وقتل العشرات واعتقال المئات الذين لا يزال بعضهم في السجون الحكومية" حسب قوله.
ونبه إلى أن "وجود الحشد الشعبي ومكاتب للأحزاب الشيعية في المدن السنية يجعل أبناء تلك المدن يتجنبون التعبير عن تضامنهم أو المطالبة بحقوقهم طالما أن عناصر الحشد في تلك المدن وليس هناك ما يمنعهم من اعتقال أو قتل المتظاهرين بحجة الحفاظ على أمن المدن من احتمالات استفادة تنظيم داعش من التظاهرات"، وفقاً للعاني.
ونقلت "القدس العربي" عن أحد شيوخ عشائر الأنبار، وهو من قادة الاعتصامات في المحافظات السنية، أن "معاناة المحافظات السنية هي أكبر من معاناة أهلنا وأخوتنا في الجنوب، حيث نشترك معهم في سوء الخدمات والبطالة، لكننا نعيش في مدن مدمرة بالكامل دون أي جهد يستحق الذكر في إعادة بناء البنى التحتية وإعادة الإعمار".
وعزا المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، أسباب كل ما يجري من تردي في الحالة العراقية إلى "التوافقات والمحاصصة التي بنيت عليها العملية السياسية التي لا يمكن مغادرتها دون تدخل دولي يضع حدا لها".
بدوره، أكد الإعلامي، يعرب السامرائي، أن من أهم أسباب عزوف السنة عن المشاركة بالتظاهرات "هو الخوف من بطش الأجهزة القمعية من جيش وشرطة وميليشيات كتنفيذ حالات انتقام من أبناء تلك المناطق المتهمين بتأييدهم لتنظيم داعش الذي قاتلهم سنين طويلة".
وأشار إلى "غياب مرجعية سنية قادرة على تحريك الجماهير للمطالبة بحقوقهم على الرغم من أن مطالب العرب السنة هي اكبر من مطالب الشيعة"، حسب قوله، موضحاً أن "مدن العرب السنة مدمرة وأبناؤهم بين مشرد ومعتقل وقتيل".
واختتم السامرائي بالقول، إن العرب السنة "مصابون بحالة يأس من إمكانية استجابة حكومة بغداد التي يسيطر عليها الشيعة مقارنة بما حصل لهم في عام 2013 حيث لم تستجب الحكومة لأي مطلب من مطالبهم، بل ساءت أوضاعهم أكثر وتم التنكيل بهم من قبل القوات التابعة للحكومة نفسها التي لا يزال يحكمها حزب الدعوة"، على حد وصفه.
رفعت حاجي.. Kurdistan tv
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات