كركوك ملتهبة والأرض فيها بحال من الغليان والاحتقان وشديد التوتر حداً أودى بحيوات مواطنين! وخطاب التحريض العدائي بخاصة منه ذاك الذي يصب جام غضبه ضد الكورد يتخفى بمهاجمة الحزب الديموقراطي الكوردستاني ومقراته؛ الكارثة أن عناصر الاحتقان والتوتر ذات النهج الشوفيني العنصري بعضها في الميليشيات وأخرى ترتدي الزِّي المدني لكنها تخبي السلاح تحت ذاك الزي! وهكذا تتواصل فعاليات التحريض والاستعداء ويتقدم مشعلو الحرائق لمزيد صب الزيت على النيران.. الآن وليس بعد أية لحظة الآن وليس غدا يجب فرض الأمن وإعادة الأمان والسلم الأهلي وحماية الناس وقطع الطريق على أسباب الفتنة ومآربها.. هذه كلمة ونداء خطابه إلى تطبيع الأوضاع واستعادة السلم الأهلي وأعلى صوت لقوى التعايش ومبادئه بما يُخرس زئير الأشرار ويُنهي أي دور لنهجهم.. أفلا نُعلي أصواتنا قبل أن تمتد الحرائق للجميع حيث لا رابح في حروب عبثية لمجانين العنصرية والشوفينية؟؟؟
مذ تم الاتفاق على إيجاد الحلول الدستورية وخيار المادة 140 لم تكن بعض أطراف الاتفاق تنوي تمرير الحل والقبول به. وبقيت المماطلة نهج تلك القوى ومحاولاتها تجاوز إقرار الطابع التعددي والإجهاز على منطق احترام التنوع القومي والديني في كركوك الغنية بأعراقها المتعايشة منذ فجر وجودها. ولطالما وجدنا من يستغل هذا الظرف أو ذاك لإطلاق سلطان مشعلي الحرائق والفتن، من قوى عنصرية شوفينية.
اليوم ومجددا تعود الكَرَّة وهذه المرة باستغلال منصات كان ومازال ممكناً تجاوزها لو نفّذنا الإجراءات المتفق عليها.. إنما كثرة من البسطاء يندفعون وراء إشاعات مغرضة ووراء نهج مضلِّلٍ يحاول تكريس نهج العنصرية والشوفينية من جهة واختلاق ذرائع إشعال صراعات بلا مبرر بين أبناء المدينة التي ما شهدت استقرارا بخلفية فرض متغيرات تتعارض وتركيبتها مذ عقود خلت كما بحملات التعريب سيئة الصيت وها هي تكرر فعالياتها..
وإذا كان لابد من موقفٍ اليوم؛ فإنّ أول منطلقاته يجب أن تُبعد السلاح عن شوارع المدينة وما فيها من غليان مفتعل؛ وهو ما يُلزم بإخراج الميليشيات والقوى المسلحة بكل مسمياتها والاكتفاء بسلطة إنفاذ القانون بالشرطتين المحلية والاتحادية والقوات المسلحة الرسمية، إذ أن الظرف لا يسمح بمزيد صب زيت على نيران ما يجري بخاصة مع حالات تأثير خارجية من قبيل إثارة حال اندفاع وتوتر وشحن واستقطاب لا يمكننا توقع تداعياته من دون ضبط الموقف رسميا..
إذن، فالمطلب الرئيس يتجسد بضرورة عدم التلكؤ و\أو التأخير في مهام ضبط الأمن وحفظ أرواح المواطنات والمواطنين وسلامتهم وتأمين ممتلكاتهم بكل ما يلبي أسس سيادة القانون ومنع أشكال الانفلات وفرص التصيد بالمياه العكرة من عناصر مشبوهة ومعروفة..
ولعل هذه المهمة بوقوعها على عاتق الجهات الرسمية الاتحادية منها والفديرالية لا يمكنها أن تكون وافية للحل الحقيقي ما يعني بوضوح أن مسؤولية تطويق الأزمة المستفحلة، تستكملها أدوار جميع القوى السياسية، إذ يلزم أن تعمل على إنهاء الخطابات التحريضية مع تفعيل أسس التهدئة، وتوفير أرضية التفاوض والحوار في أسباب تأخر تلبية إجراءات الحلول السلمية النهائية والدائمة.
ولابد هنا من التأكيد على أنَّ مهام الحكومة الاتحادية الواجبة عليها، نؤكد مجددا أنها تكمن في حفظ النظام وسيادة القانون وحماية السلم الأهلي، وإعادة تطبيع أوضاع المدينة بضمان حقوق جميع أطيافها المتآخية وتأمين مصالحها.
إننا نرصد منذ أيام حال الاحتقان وأعلى درجات التوتر حداً ذهب ضحيته عددا من المواطنين كما نرصد خطابا عدائيا تحريضيا وأفعالا تتخفى برداء مدني وليس مستبعداً أن تلك العناصر العنفية المسلحة أن تكون من الميليشيات وقوى إرهابية ينفعها إثارة الصراع الدموي ومنع الاستقرار!
فما الذي وجدناه بعد كل تلك المدة من الغليان واحتدام الصراع دمويا!؟ المؤمل أن ترتقي قوات حفظ النظام والجيش بتركيبته الوطنية لمستوى المهام المناطة بها ونؤكد هنا على أنه لن يُضبط الأمن والسلم الأهلي بعناصر مضافة على القوات الرسمية بصيغ وقرارات تتعارض بالجوهر مع الروح الوطني نظرا لنهجها الساعي لتكريس الروح الطائفي والانقسامات والعمل بنهج يجمع المتناقضات وكل ذلك خدمة لغايات ومآرب دفينة تتعارض مع مبادئ التعايش والتآخي والإقرار بالإحصاءات المعتمدة وتنفيذ الإرادة الشعبية والدستورية القائمة على وضوح عبارة لا تحتاج للبس لولا عمليات التمييع وتضييع الوقت لمقاصد باتت مفضوحة اليوم..
فلنبدأ فورا بإرادة وطنية ونهج دستوري يحترم هوية بنيوية للمجتمع في كركوك ولتاريخه ولنقف بوجه كل تلك الأفعال الإجرامية التي كررت باستمرار موقف العداء للكورد ومن ثم فهي جوهريا وبالمحصلة ضد كل الأطياف وما أفعالها في مساندة قوى وعناصر شوفينية عربية أو غيرها سوى وهم لن ينطلي على عقلاء المدينة كونه استغلال منبر بعينه لإشعال الفتنة..
فهلا وعينا الدرس!؟ وهلا وقفنا معا وسويا من أجل كركوك التنوع والتعددية وقيم التآخي والتعايش؟ وهلا تبنينا خطابا يُنهي منطق الاستعداء ضد الكورد و\أو ضد أي طيف من أطياف المحافظة وتشكيلاتها الإدارية؟ هلا أدركنا من يقف وراء العداء المفتعل ضد طيف أو آخر باستغلال فبركة ضد هذا الحزب أو ذاك؟ نشير هنا إلى حجم التعرض والتحريض الموظَّف ضد الديموقراطي الكوردستاني لاعتقاد من يقف وراءه أن ذلك يساعده في إشعال حريق يطمع في فرضه بما يوهم بسطوته وسلطته!؟ ألا فلنتخذ من مسار الحل النهائي أداة حسم فاعل مؤثر يسبق محاولات تلك العناصر الشريرة ويعيد الأمن والأمان. هذا نداء وخطابه إلى كل القوى السياسية والمجتمعية كي لا تنزلق نحو كوارث غير محسوبة العواقب.
د. تيسير عبدالجبار الآلوسي