أربيل 17°C الإثنين 02 كانون الأول 13:48

قانون الموازنة وإقليم كوردستان

کوردستان TV
100%

لقد شُكِلت حكومة السيد محمد شياع السوداني بناءً على اتفاقات سياسية تعكس رغبة واضحة للقوى المنضوية في ائتلاف إدارة الدولة للتخلص من اعباء المشاكل العالقة منذ تأسيس دولة العراق الحديث في القرن الماضي الى يومنا هذا، وحيث ان هذه المشاكل والمعضلات قد اثقلت كاهل المواطن العراقي والكوردستاني بمختلف اطيافه، واثرت بشكل مباشر على السلام والتنمية والتطور في العراق وفي بعضها هدد كينونة العراق كدولة، ارتأت كل القوى المشاركة في التحالف والمشكلة للحكومة ان تتبنى مبادئ المشاركة والتعاون كأساس لفتح صفحة جديدة لمرحلة جديدة تُضَمِنْ جميع المكونات والقوميات في ظل دولة اتحادية فدرالية تحترم نسيجها الاجتماعي المتنوع. 

وحيث ان اهم بنود الاتفاق السياسي مستندة الى اساس قانوني ودستوري،  كان من السهل تضمينها في البرنامج الحكومي وحصولها على اغلبية أصوات مجلس النواب العراقي، وبذلك يصبح لِزاما على حكومة السيد السوداني تطبيقها.

لكن نجد ان بعض الأطراف المتطرفة لازالت تحاول وفي كل مرحلة من مراحل تنفيذ اتفاق تشكيل الحكومة وضع العراقيل لحكومة السيد السوداني لمنعه من تنفيذ  الاتفاقات والمضي الى الامام والتحول في الأداء الحكومي للتركيز على برامج التنمية والتطور بدلاً من الصراعات السياسية غير المجدية. 

وتأتي في هذا السياق التعديلات التي فرضتها اللجنة البرلمانية على المادتين ١٣ و١٤ من قانون الموازنة والخاصة بحقوق الشعب الكوردستاني المشروعة ضمن الدولة الفدرالية الاتحادية. فمجمل التعديلات التي أجريت على المادتين تستهدف وبما لايقبل الشك أُسس النظام الفدرالي الاتحادي الذي ارسيت دعائمه  بعد سقوط النظام البائد في 2003، وترسخت اطره القانونية في دستور عام ٢٠٠٥ الذي صوت له اكثر من ٨٠٪؜ من الشعب العراقي.

ان مجمل التعديلات هذه تخرق الدستور، مثلا المادة ١٠٩ التي تلزم الحكومة الاتحادية بالحفاظ على نظام العراق الديمقراطي الاتحادي،    والمادة ١١٥ التي تعطي الأولوية للقوانين الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف مع الحكومة الاتحادية، والمادة ١١٦ التي تبين ان العراق يتكون من عاصمة واقاليم ومحافظات لامركزية وادارات محلية، والمادة ١١٧ التي تقر بإقليم كوردستان اقليما اتحاديا. إضافة الى ذلك، هذه التعديلات تمثل نقضاً واضحاً للرؤية الموحدة والاتفاقات السياسية والتفاهمات الإيجابية التي توصلت اليها حكومتا بغداد وإقليم كوردستان. 

لقد اخضعت بعض القوى التي فرضت هذه التعديلات في اللجنة المالية قانون الموازنة الى علاقات القوة وفرض الارادات بدلا من التكامل المجتمعي لمطالب مختلف قطاعات الشعب، متناسيةً ان الموازنة شأن اقتصادي تنموي يمس قوت المواطنين ومشاريع الاستثمار والتنمية وتوضع اعتماداً على خطط حقيقية، وانها ليست  شأنا سياسيا تحاول من خلاله هذه الأطراف تمرير مصالحها واجنداتها المشبوهة. 

ان التعديلات المجحفة التي فُرِضتْ في اللجنة المالية تعود بنا الى المشكلة الجوهرية التي يعاني منها العراق كدولة منذ تأسيسه  والتي أدت وكما شهدنا جميعا الى تهديد كينونة الدولة العراقية في عدة مراحل تاريخية حيث تبنت مختلف الحكومات العراقية سياسات التهميش والاقصاء وخرق القانون والدستور ضمن عملية مُمَنهَجة تستند الى فكرة خاطئة وسياسة فاشلة بكل ابعادها،الا وهي ان الدولة العراقية لا تستطيع الاستمرار او التبلور اذا لم يتم مسح كافة القوميات والانتماءات الدينية والطائفية وسحقها في بودقة بلون واحد، في تهميش كامل لحقيقة ان دولة العراق الحديث تشكلت من قوميات متعددة واعراق مختلفة وطوائف واديان مختلفة وهذا مصدر قوة وتكامل وليس نقطة تقاسم وتشرذم، وان العراق بعد 2003 دولة فدرالية اتحادية تعترف بإقليم كوردستان بكامل صلاحياته التشريعية والتنفيذية والقضائية. فجميع النزاعات والحروب الطويلة والسياسات القسرية التي تسببت بالمعاناة لمختلف مكونات العراق تكمن في أساسها من عدم ادراك الطبقة السياسية في بغداد لماهية الدولة المتعددة القوميات والاعراق، وتمسك الحكومات المتعاقبة بعقلية بالية تستسهل سياسات العنف والقمع بدلاً من سياسات التكامل والاستيعاب في عملية سياسية-ديمقراطية شاملة تُضَمِنْ جميع القوميات والطوائف العرقية والانتماءات الدينية، وتستند الى أهمية الالتزام بالدستور واحترام القانون، الَذيّن لا غنى لنا عنهما ان اردنا تحقيق استقرار دائم والاستفادة من دروس الماضي للتقدم الى السلام والازدهار الذي ينشده كل أبناء الشعب.

لقد واجه شعب كوردستان اعتى الدكتاتوريات وفي احلك الأوقات واصعبها ولم تستطع مختلف القوى مهما تعددت ادواتها او قوتها العسكرية من إطفاء جذوة ايمان الشعب بعدالة قضيته ولم تستطع يوماً ان تزحزح ثقة المواطن الكوردستاني بحكمة وحنكة القيادة الكوردية وقدرتها على تحويل التحديات الى نجاحات وتحويل العراقيل الى فرص للانجاز وإرساء السلام وهذه الخطوات التي قامت بها بعض  القوى ضد مصالح شعب كوردستان وقوت المواطن الكوردستاني لن تنجح وستفشل وتتكسر على صخرة إرادة الكورد والكوردستانيّن في نيل الحقوق  المشروعة الموثقة في الدستور والاطار القانوني العام لهيكلية دولة العراق الاتحادي الفدرالي. 

الدكتور كمال كركوكي 
عضو المكتب السياسي 
مسؤول مكتب تنظيم محافظة كركوك -گرميان 
الحزب الديمقراطي الكوردستاني 
٢٧ أيار ٢٠٢٣

كوردستان
هل ترغب بتلقی الإشعارات ؟
احصل على آخر الأخبار والمستجدات