شيركو حبيب
11 اذار يوم تاريخي للعراق بصورة عامة و لشعب كوردستان بصورة خاصة، حيث ابرمت في 11 اذار من عام 1970 اتفاقية تاريخية بين الحكومة العراقية، وقيادة الحركة التحررية الوطنية الكوردية بقيادة الاب الروحي للشعب الكوردي الخالد مصطفى البارزاني، لاول مرة في تاريخ العراق، الحكومة العراقية تعترف بالحقوق القومية و الثقافية لشعب كوردستان، وجاءت هذه الاتفاقية نتيجة للانتصارات الباهرة التي احرزها بيشمركة كوردستان على الانظمة العراقية التي زجت بابناء العراق في قتال ضد الشعب الكوردي.
الشعب الذي لم يطلب سوى ابسط الحقوق الإنسانية لكي يعيش على ارضه بسلام وامان، و كانت مدة الاربع سنوات من عمر الاتفاقية برغم بعض الانتهاكات من الحكومة العراقية انذاك للاتفاقية و محاولة اغتيال البارزاني الخالد، الا انها كانت مدة استقرار وسلام في العراق، ولكن عدم تنفيذ بنود الاتفاقية من قبل حكومة البعث انذاك، و تنازل صدام لشاه ايران عن اراضي و مياه العراق ادت الى اتفاقية خيانية في 6 من اذار 1975 التي على اثرها اصابت الحركة بنكسة موقتة ادت الى ايقاف نشطات الثوار لمدة، ولكن برغم قساوة نظام صدام وارتكابه ابشع الجرائم حيال الشعب الكوردي، الا ان قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني استطاعت النهوض من جديد واعلان ثورة كولان التقدمية التي كان لها دور رئيس لما وصلت اليه كوردستان اليوم من الاستقرار والامان و الحرية.
الأرشيف البريطاني غني بالوثائق التي تعبر غالبا عن وجهة نظر بريطانيا للاحداث و تحليلها، وهنا نعرض رأي بريطانيا انذاك بشأن اتفاقية 11 اذار وبيان حزيران 1966 لحل القضية الكوردية:
المقارنة بين مقترحات التسوية لعام 1966 و1970
1- تمهيد وخلفية
عندما اصبح الدكتور عبدالرحمن البزاز رئيسا للوزراء في العراق عام 1965، الحرب الكوردية كانت قد بدأت منذ خمس سنوات، وكان من احدى مهماته ايجاد حل لها و الانتهاء منها باسرع وقت، ولكنه كان غير قادر لتنفيذ مبادرته الا بعد فشل هجوم الجيش العراقي على الثوار في ربيع 1966 ، ولم يتم هذا الا في بداية حزيران حيث المحادثات مع البارزاني التي هيأت الظروف لها، وبدأت الزيارات بين الوفدين لتبادل الاراء، واخيرا بعث البارزاني برسالة الى رئيس الوزراء تؤكد الرغبة للتوصل على التفاهم، ورد الدكتور البزاز عن طريق بث تلفزيوني باعادة الاوضاع الى حالتها الطبيعية في شمال العراق، وضم مشروعه اثنتي عشرة نقطة.
2- الانطباع السائد بشأن اعلانه كان مخططاً لتسوية وحلاً نهائياً وليس مجرد تسوية بحد ذاته، الكثير من العبارات كانت غامضة، والعديد من الامور لم تذكر، وبرأيي ما دام البزاز في منصبه هناك فرص عادلة للتقدم، وان الكورد راضون بشكل جيد على المقترحات، التي رحب بها البارزاني مؤكدا انها تحقق السلام، وظهر استياء الكورد من عدم وجود اية اشارة ايجابية للتنفيذ، و بحلول 6 اب عندما تنحى البزاز من منصبه لم يبق اي امل للتسوية، واتهم الكورد الحكومة انه بعد تنحي البزاز بدأت الصعوبات تظهر من جديد واعادة الاوضاع الى سابق عهدها، كما ان الحكومة العراقية غير مطمئنة من البارزاني باعادة ما تمت السيطرة عليها من المعدات للجيش العراقي، في تشرين الاول كانت هناك حالة من الجمود ولا تقدم على الارجح، كلا الجانبين فقدا الثقة بالاخر، وكل طرف يتهم الاخر بسوء النية، بعد ذلك تدهور الموقف بشكل مطرد، مع الانتكاس التدريجي للاعمال العدائية، وتجدد القتال بشكل واسع كما أشارت الى ذلك التقارير في كانون الثاني 1967.
3- استمر القتال بشكل غير حاسم الى 1970، في بداية السنة التقارير اشارت الى الاتصال بالكورد من اجل الوصول لتسوية جديدة، خاصة بعد القلق المتزايد للحكومة من هبوط المعنويات بشكل عال لكثير من القوات المترابطة في الشمال، والمصروفات الباهظة للحرب، وعدم القدرة الواضحة للقوات، ومع ذلك كان يعتقد ان هذه المحاولات قد تفشل، والاعلان عن حل 11 اذار كان كشيء من المفاجأة، و البيان نشر من الحكومة في مساء 11 اذار ويحتوي على هذه النقاط المتشابهة لاعلان 1966 ، مرة اخرى تم اصدار خطط، ولا ندري هل الظروف الان اكثر ملاءمة لتنفيذها من 1966.
4- 15بندا من بنود مقترحات 1970، تشبه 11 بندا من مقترحات 1966، ولكن باختلاف بسيط في الصياغة، و يذكر ان الكورد راضون عن بعض التحسينات عن 1966، وان البارزاني في تسجيل يقول بانهم أمنوا على جميع حقوقهم، وحافظوا على علمهم، ويطالب بحصة عادلة من واردات النفط والتمثيل في مجلس قيادة الثورة، وقال ايضا بانه يأمل على الاقل باربعة وزراء في التشكيلة الجديدة للحكومة، وهناك اتفاق لم ينشر على الجمهور، بعد انسحاب القوات العراقية ستحل محلها قوات البيشمركة، وتسمى الحرس الوطني (حرس الحدود) في المنطقة الكوردية، وتتخلى الحكومة عن دعم الطالباني و اتباعه.
5- لا تظهر مقترحات 1970 بان تكون اقل غموضا وتوضيحا من مقترحات 1966، هنالك العديد من الغموض فيهما، وتحتوي على اربعة مقترحات لم توجد في النقاط 12 للبزاز، ومن هنا يتضح ان الكورد لا يكونون من المستفيدين من واردات استثمار النفط في المناطق الكوردستانية، الغير يتعامل مع الخطة الاقتصادية، الاصلاح الزراعي وتعيين نائب رئيس الجمهورية لا يضيف اي تقدم لتحسين الاوضاع من وجهة النظرة الكوردية، الاصلاح الزراعي مسألة مهمة في شمال العراق، ويعتمد على تخصيص الاموال و موظفين متخصصين.
6- القسم الاهم هو ما جاء في الفقرة 12، يمنح الكورد الحكم الذاتي ضمن الجمهورية العراقية، ومن الممكن في نهاية المطاف تشكيل الحكومات الكوردية المحلية و بادارة كوردية، وبالتالي يمكن تحقق تمني الكورد في اقامة منطقة كوردية مستقلة.
استنتاج:
7- الان نرى اذا كانت الاتفاقية تنفذ او ستكون مثل ما جرى في 1966، عدم الثقة وتفسيرات مختلفة من عبارات غير دقيقة تؤدي الى فشل تدريجي، سوف يعتمد على رغبة كلا الطرفين للتوصل الى تسوية دائمية، والى أي مدى الايرانيون مستعدون للسماح بهذا، و ما مقدار ثقة كلا الجانبين ببعضهما، يبدو ان مجلس قيادة الثورة اكثر حزما ويستند الى القوة على عكس ما كان البزاز عليه في 1966.
قسم الشرق الاوسط/ البحوث
مكتب الخارجية و شؤون الكومنولث *سميت بنزهة الربيع بقيادة عبدالعزيز العقيلي_المترجم_
اتفاقية 11 اذار 1970
1- بحلول كانون الثاني 1970 مفاوضات جادة بدأت بين البعث وممثلي البارزاني، تحت الامر الواقع لوقف اطلاق النار، و جاء اعلان نجاح هذه المفاوضات من مجلس قيادة الثورة العراقي في 11 اذار العديد من الفقرات تتطابق مع مقترحات الدكتور البزاز، ويضمن هذه النقاط:
1- تعد المنطقة وحدة إدارية واحدة لها شخصية معنوية تتمتع بالحكم الذاتي في إطار الوحدة القانونية والسياسية والاقتصادية للجمهورية العراقية. وتعد قيود إحصاء عام 1957 أساساً لتحديد الطبيعة القومية للأغلبية السكانية المطلقة في الأماكن التي سيجري فيها الإحصاء العام
2- وجود قوميتين رئيستين، العرب والكورد معترف به بحسب الدستور.
3- احد نواب الرئيس الجمهورية يكون كورديا.
4- يشارك الكورد في السلطة التشريعية بحسب النسبة السكانية.
5- يشارك الكورد في الحكومة والمؤسسات الحكومية من دون تمييز.
6- الوظائف في المناطق الكوردية تكون للكورد او الذين يجيدون اللغة الكوردية.
7- اللغتان العربية و الكوردية، تكونان لغتان رسميتان في المناطق الكوردية، وتكون اللغة الكوردية لغة رسمية في هذه المناطق.
8- جميع العسكريين والموظفين المدنيين والطلاب والعمال تتم اعادة تعيينهم.
9- الاهتمام بالتعليم و الثقافة الكوردية.
10- يكون للكورد المنظمات الخاصة بالطلبة والشباب والمرأة والمعلمين، وينسق مع المنظمات الوطنية العراقية.
11- اعادة السكان العرب والكورد الى اماكنهم الاصلية.
12- اغاثة الكورد المتضررين من الاعمال العدائية.
13- تأسيس هيأة للتنمية مع تخصيص ميزانية، وتطوير الاقتصاد.
14- الاسراع بالاصلاح الزراعي في المناطق الكوردية.
15- استثمار مصادر الثروة الطبيعية تكون من صلاحيات سلطة الجمهورية.
16- محطات الاذاعة الكوردية و الاسلحة الثقيلة يجب تسليمها في المراحل النهائية من تنفيذ الاتفاقية.
2- يقال بانه تم الاعلان عن هذا الاتفاق مع بروتوكول سري يضمن مايلي:
(i) تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة تنفيذ هذا البيان.
(II)احدى مهمات هذه اللجنة اعادة توطين البيشمركة، ماعدا ما يقرب من 6000 رجل يبقون في المنطقة، وعن طريق تنفيذ الاتفاقية و على خمس مراحل.
(Iii) الحكومة تقوم بتسريح ونزع سلاح جميع القوات الكوردية المناهضة للبارزاني، ويتم سحب القوات المسلحة العراقية هناك، واعادة الاوضاع الى طبيعتها.
(Iv) الحزب الديمقراطي الكوردستاني يقوم بنشاطاته في المنطقة الكوردية بحرية، وتكون له جريدته الخاصة.
(V) جميع الموظفين الذين التحقوا بالثورة الكوردية يعودون الى اعمالهم من دون فقدان حقوقهم، هؤلاء الذين خدموا في القوات الكوردية، تحتسب لهم خدماتهم اذا التحقوا بالقوات المسلحة العراقية.
(vi) اجراء احصاء سكاني في عام واحد لتحديد المنطقة الكوردية.
(vii) بالرغم من ان العلم الوطني لايمكن تغييره في الوقت الحالي، لكن حين التغيير يتم اضافة الرمز الكوردي.
3- على الرغم ان ملحق الشروط السرية للبيان هو لازالة الغموض، الا ان هناك بعض الغموض مثل طبيعة الحكم الذاتي الكوردي، المبالغ الخصصة من الحكومة العراقية لغرض تنمية وتطوير المنطقة الكوردية، وهذا يتطلب مفاوضات مستقبلية على هذه النقاط وبعض النقاط الاخرى.
4- التقدم المحرز في تنفيذ القانون لم يكن العفو فقط وقد لوحظ هذا بشكل عام، تعيين خمسة وزراء من الكورد، البدء بالاعمال التنموية، واتخاذ خطوات في مجال الثقافة و التعليم من الحكومة العراقية، من جانب اخر مشاكل تعيين النائب الكوردي لرئيس الجمهورية, والمجلس الوطني لم تحل لحد الان، بعض من البيشمركة عادوا الى وظائفهم المدنية، وبعض في القوات الكوردية ضمن وزارة الداخلية، ولكن البارزاني احتفظ بـ 20 الفاً من مقاتليه، و احتفظ بالاسلحة الثقيلة والاذاعة، (في اذار 1971 اشارت التقارير بانه سلمها).
5- جميع الاسئلة المهمة بشأن الدعم المادي لمنطقة الحكم الذاتي، و الذي يحدد الاحصاء، وكذلك مشكلة اجراء الاحصاء الذي كان مقررا اجراؤه في تشرين الاول 1970، ولكن تم تأجيله، المشكلة الاساسية هي في محافظة كركوك، المنتج الرئيس لتصدير النفط العراقي، ويضمن سكانه من الكورد و التركمان و العرب، العوائل الكوردية تم ابعادها و تهجيرها من ديارها ايام الاقتتال وتوطين العرب محلهم، وجاء في بيان اذار 1970 بان حقول وانتاج النفط يكون تحت سيطرة الحكومة المركزية، الكورد منذ مدة يدعون بان كركوك هي عاصمتهم، ولا يقبلون بان تكون خارج منطقة الحكم الذاتي، الحكومة من جانبها من الصعب ان توافق على تسليم حقول النفط، والطرفان يعتمدان على الاحصاء.وان لم تحل هذه المشكلة في هذه المدة فمن الصعب حلها في المستقبل.