مهند محمود شوقي
لعل البدء في الحديث عن تأثر المجتمعات العراقية بحكوماتها المتعاقبة يحتاج إلى سرد طويل جدا إذا ما بدأنا الحديث منذ تشكيل الدولة العراقية قبل مايقارب الـ100 عام، عندما تأسست حينها اولى ملامح السيادة لما يعرف بالدولة خلفا للمملكة التي لم تتنفس الصعداء كثيرا بعمرها القصير نسبياً، لشعب انهكته الاحتلالات الاجنبية ودمرته الاوبئة والفيضانات والموقع الجغرافي وصراع الثقافات داخل ذات المجتمع فضلا عن انظمة الحكم المحلية التي فاقت بدورها انظمة الحكم الاستبدادية الاجنبية حينها، كل ذلك قرأناه تاريخا على لسان بعض المدونين العراقيين.
ولربما ومن مساوئ الصدف ان يعيد التاريخ نفسه في كل حين وفي كل حقبة حكم توالت منذ التأسيس الأول تأثيراً يشابه الاساس مظلومية صارت تقبع في نفسية المواطن العراقي والمجتمع ككل، فلم يسلم المكون العربي في العراق من التدخلات الاجنبية التي ما انفكت ان تكون جزءاً من الصراع في العراق عن بعد في بعض الازمنة وعن قرب في ازمنة حكومات عراقية اخرى!
والحال لا يختلف عن المكون الكوردي الذي لم يجد انصافاً في حقوقه منذ ان سلبت اتفاقية سيفر وما تبعها حلمه في العيش كأمة لها حق وحقوق كسائر الامم ان كانت ضمن رقعة المجتمع الكوردستاني ككل وهنا اقصد في اجزائه الاربعة او داخل حدود دولة العراق كجزء من حديث يبحث عن حقوقه!
وذات المظلومية تنطبق بالانصاف على المكونات الاساسية الأخرى في العراق ان كانت مسيحية صار ذكرها بالعدد اليوم نسبة تكاد تكون خجولة في الذكر لا بل إذا اردنا ان نذكر اعداد المسيحين العراقيين الذين هاجروا يصار علينا ان نجري لهم استبيانا يبدأ من خارج الحدود لمعرفة اعداد الالاف النازحة منهم وهم في الاساس أساس في العراق، ولا يختلف الحال عن الصابئة المندائيين او الايزيدين الذين مازالوا يبحثون عن فتياتهم اللواتي سبين في عقر دارهن.
لا انصاف حلول تذكر في تاريخ العراق القديم والحديث وتعاقب حكوماته وكم المآسي التي تتناسل تباعا في الذكر والحضور مع كم المورثات من المظلومية عند نسيجه وفي كل الازمنة، لذلك ومن المنطق الفعلي ان نحدد مكامن الخلل لانصاف حقوق الشعب العراقي قبل ان نكيل له كم الاتهامات على اثر حكوماته المتعاقبة وقبل ان يعاود ذات السؤال سؤاله عن كيفية التغيير؟ الذي يجب أن يبتدأ من فهم حكوماته لقضية مكونات شعب ارهقته الحروب واستخدمته كل حين... في حين انه يجب أن يكون مع بعضه جزءاً من كل وهو حق كحال حقوق الأمم التي تعيش داخل حدود ذات الدولة وتحترم فيها العقائد لكل المكونات وبأنصاف مازلنا نبحث عنه ليكون حقيقة عنوانها العراق الجديد.