سعد الهموندي
عندما قال محمود درويش ليس للكردي إلا الريح، تسكنه ويسكنها، وخاطب مستقبلنا المجهول بقوله يا ابني الحر إذا رأيت أباك مشنوقاً فلا تنزله عن حبل السماء، ولا تدفنه يا ابني فالرياح وصية الكردي للكردي في منفاه.
لربما صدق درويش في قصيدته هذه في زمان كنا كشعوب متنافرة متناثرة نعزي بعضنا بالرياح التي تسكننا ونحن نفر من الموت إلى الموت، لكن عذراً محمود درويش فاليوم نحن جبال لا تحركنا الرياح الهوجاء حيثما هبت، فالأنظمة اللاإنسانية المحيطة بنا أصبحت تنقل أزماتها الداخلية الطبيعية إلى جبالنا في محاولة لتحريك الجبال الراسخة بالرياح، فهل شاهدتم يوماً جبلاً ينزاح بفعل الرياح.
إنها الحسابات الخاطئة والمراهنات الخاسرة، فإيران اليوم تحت تأثير الصراعات الدولية وتحت تأثير فشلها السياسي وقمعها أمام شعبها المنتفض الحر، لتكشف أن سلطة هذه الدول عبارة عن كثبان رملية يزيحها هبوب الرياح، كيف لا وأنتم بعمق سياستكم كنتم دوماً تزرعون عمائم الظلال والظلام في عقيدة شعب حر، لنرى اليوم كثبانكم الرملية تنزاح مع رياح التحرر لتطير عمائم الفساد السياسي بالهواء أمام حقيقة وللمرة الأولى تُظهر حجم المخاوف والضعف الذي تعيشها تياراتكم السياسية.
وعندما يحاول نظامكم الفاشي من خلال حملته على مناطق كوردستان إيران، أو القصف الصاروخي على مناطق في كردستان العراق، نعرف حينها أنكم تبحثون عن غطاء لإخفاء ارتباكم، وأنكم بالفعل غير قادرين على احتواء الحرية التي تفتحت بين ثنايا شعوبكم.
أما تلويحكم بعملية عسكرية برية في إقليم كوردستان فأقول لكم رياحكم السوداء المُغبرة لا تحرك الجبال الرواسي، فما تفعلون به وما تفكرون فعله ليس سوى هروباً إلى الأمام أو إلى الخارج.
فإقليم كوردستان كان ومازال منطقة الأمن والأمان لجميع دول المنطقة، وقدم يد المساعدة لإقرار السلام والأمان وحارب الإرهاب ومنعه عن دياركم، أما أن تجعلوه أرضاً لتصدير أزماتكم فهذا بالضبط هو عين الغباء، ومغامرة غير محسوبة وستؤدي إلى أزمة إقليمية واسعة تدفعون ثمنها أولاً وأخيراً، ولتتذكرون أن الجبال هي الجبال، ومهما اشتدت الرياح العاتية فلن تحرك الجبال الراسية.
