ما إن تأتي سيرة وتاريخ الاحزاب السياسية العراقية العريقة التي ناضلت من أجل تحقيق اهدافها وما تطمح اليه ، ستجد نفسك مضطراً من غير تردد الى الحديث عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني كأحد أبرز تلك الاحزاب وأكثرها نجاحاً على مستوى تحقيق جزء مهم من الاهداف المنشودة ، وهذا النجاح لم يكن إلا حصيلة عقود من الزمن (١٩٤٦) قدم فيها الحزب كل ما يمتلك من إمكانيات مادية وبشرية فجعلها قرباناً للقضية الكوردية ، فكان الحزب الأقرب الى نفوس الشعب الكوردي لإقترانه بهمومهم وتطلعاتهم نحو الحرية والديمقراطية والاستقرار وحق تقرير المصير .
لقد ناضل الراحل البارزاني الكبير بصورة استثنائية من اجل ذلك رغم كل التحديات والمتاعب التي واجهته طيلة تلك العقود من نفي وتشريد ومحاولات اغتيال عديدة ، لكنه استطاع بعقليته التي تعبر عن حنكة ودراية مفرطة ان يحمل هموم شعبه ليجعل من المشكلة الكوردية قضية رأي عام دولية في زمن لم تكن وسائل الاعلام المتاحة آنذاك بهذا النوع والكم الذي نقرأه ونسمعه ونشاهده كل لحظة في أيامنا هذه ، مما جعل هذا الرجل حقاً ان يكون رائداً للحركة الثورية الكوردية بل زعيما روحياً لكل الأحرار والباحثين عن عبق الحرية من أبناء الشعب الكوردي .
وكما سلك البارزاني الكبير كل الطرق الوعرة وخاض أهوال الصعاب ، كان قدر السيد مسعود بارزاني أن يسير نفس الطرق التي واجهت أبيه ( رحمه الله ) بل وأشد صعوبة ، كان سيلاً عارماً من المتاعب الداخلية والخارجية فخارطة المنطقة قد تغيرت مع قيام الثورة في ايران ذات النهج الثيوقراطي وبغداد قد انشغلت بحرب ضروس مع النظام الجديد في طهران وموازين لعبة المصالح الدولية قد تغيرت، الامر الذي يستدعي من كل قائد سياسي وميداني آنذاك ان يركن الى حالة من الترقب والحذر ريثما تنقشع الغيوم التي تلبدت بها سماء المنطقة ، لكن القائد الجديد للحزب وبذات العقلية الهادئة والفكر المتشبع بأمال وتطلعات الشعب الكوردي التي ورثها من أبيه ومعلمه الاول البارزاني الكبير استغل هذا المناخ ملتفتاً لحزبه ، فقد عمل على توسيع نشاطات وقواعد الحزب وانتشاره بصورة أكبر ، فضلاً عن العمل الدؤوب من خلال إنفتاحه في مجال العلاقات الدولية بشكل متميز .
لذا شهدت هذه المرحلة تطوراً نوعياً لدى الحركة الكُوردية بشكل عام وللحزب الديمقراطي الكوردستاني بشكل خاص، حيث نجحت القيادة الجديدة للحزب في إيصال صوتها إلى ما وراء الحدود متجاوزة حتى حدود البحار ، مما أكسب الحزب وقيادته سمعة محلية واقليمية ودولية استأثر بها بشكل متميز دوناً عن باقي الاحزاب العراقية المعارضة ، ليبقى هذا الدور متميزاً طيلة حقبة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وما شهدته من أحداث وتداعيات على المستوى المحلي استطاع السيد مسعود بارزاني بخبرته وارادته وهدوءه المعهود تجاوزها بأقل الخسائر والخروج بنتائج ستعطي ثمارها في المستقبل القريب لكوردستان العراق ولشعب كوردستان ، وهذا ما حصل بالفعل ، فبفضل حكمة العقلية التي تدير دفة الامور في كوردستان نرى ويرى كل المتابعين مستوى وعمق الانجازات التي حققتها القيادة الكوردية ليصبح اقليم كوردستان اليوم نموذجاً عصرياً في البناء والاعمار ، لذا ومن منطلق الانصاف في القول ان كاكا مسعود لايمثل رمزاً من رموز نضال الامة الكوردية فقط بل اصبح ايقونة عراقية تعبر عن احلام وتطلعات وامال كل الاحرار والحالمين بعراق مزدهر لما عانوه من فشل وتخبط وسوء ادارة للدولة العراقية من قبل الاحزاب العراقية الاخرى التي حكمت بغداد منذ ما يقرب العشرين عاماً ولم ينل المواطن منها إلا الفشل والخيبة والفساد ، فمن حق العراقيين ان يفخروا بتجربة كردستان ومن حقهم ان يتفاخروا ايضا بالزعيم العراقي مسعود بارزاني .
وفي زحمة كل الهموم والمتاعب السياسية والتحديات التي واجهتها لم تتناسى القيادة الكوردية دور الشباب مطلقا ، فقد زجت بالعديد من العناصر الشابة الكفوءة في معترك السياسة وميدان البناء والاعمار فكان الدور الابرز للسيد مسرور البارزاني كأحد ألمع الوجوه الشابة التي برزت خلال السنوات القليلة الماضية ، ما يعبر عن بُعد النظر وعمق النهج السليم الذي أعتمده الحزب في ترسيخ مفهوم القيادة الشبابية وضرورة تجديد دماء الحزب وبالتالي التحديد الأمثل لآمال وتطلعات الشباب اللذين هم ركيزة البناء في أي مجتمع يهدف لبناء مستقبل أفضل .
فهنيئاً لأخوتنا في عموم كوردستان هذا النوع من الرجالات والشباب القادرين على تحدى الصعاب ومواجهة كل الاخطار لأجل المضي في مسيرة تحقيق الاهداف التي رسمتها قيادة الحزب ونرى بل نؤمن ان خير من يحمل الرسالة ويؤدي الأمانة ويقود كوردستان الى برّ الأمان وشواطئ النهضة والازدهار هم تلك الثلة من الشباب المقتدر والمتطلع وفي مقدمتهم كاكا مسرور.
وختاما أقول: ماورد أعلاه ليس من باب التملق لهذا النوع من الرجال، بل هي مجرد كلمات أضعها في ميزان الحق واسردها للتاريخ الذي يوثق كل صغيرة وكبيرة بفضل التطور التكنولوجي الذي نعيشه اليوم ، ففي كل زيارة لأربيل أرى معلماً جديدا وبصمة اعمار جديدة بينما في بغداد نرى كل يوم فضيحة فساد جديدة ومشروع وهمي جديد وخيبة أمل لا حدود لها .