طالب بورس جونسون رئيس الوزراء البريطاني خلال زيارته الأخيرة إلى اسكتلندا، مواطنيها بالتوقف عن الحديث حول إجراء استفتاء آخر على الاستقلال
ويعارض جونسون الدعوة إلى استفتاء جديد بعد الاستفتاء الذي جرى فى العام 2014 وصوت المواطنون خلاله على البقاء ضمن المملكة المتحدة بنسبة 55 % ، وقال جونسون إن الأسكتلنديين إتخذوا قرارهم، ولا داع لإجراء استفتاء ثان.
وعند إجراء الاستفتاء وعد ديفيد كاميرون رئيس الوزراء الأسبق لبريطانيا الأسكتلنديين بتنفيذ مطالبهم دون إجراء الاستفتاء.
مخاوف جونسون من الاستقلال الاسكتلندي تتمثل فى تفكيك المملكة المتحدة خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، و اتحاد إيرلندا الشمالية مع جمهورية إيرلندا، فبعد أن كانتا دولة واحدة ضربتها الصراعات الدينية بين الكاثوليك و البروتستانت أدت إلى انضمام الجزء الشمالي للتاج الملكي البريطاني، وفي هذه الحالة لن يبقى شئ باسم المملكة المتحدة بعد استقلال اسكتلندا وانضمام إيرلندا الشمالية لجمهورية إيرلندا.
عملية الاستفتاء هي مطلب الحزب الحاكم، وتشير الاستطلاعات إلى أن الاستقلاليين سوف يفوزون، ومنذ أشهر تطالب رئيسة الحكومة نيكولا ستورجون بإجراء استفتاء جديد، وحسب الآراء فإن الاستقلاليين سوف يفوزون في هذا الاستفتاء المزمع إجراؤه بعد الانتخابات المحلية في ايار/مایو، إذا كانت نتيجة الانتخابات أكثرية برلمانية، ومن المتوقع أن يحصل الحزب الوطني الأسكتلندي على الأكثرية.
الى هنا الأمر اعتيادي، ولكن تصرفات بورس جونسون غريبة وهو يدعي تمسكه بالديمقراطية تجاه ما حصل في اسكتلندا وأن الشعب صوتت أكثريته على البقاء ضمن المملكة المتحدة، والغريب أنه كان ضد استفتاء الشعب الكوردي على الاستقلال عام 2017 مع أن الأكثرية الساحقة منه صوتت لصالح الاستقلال، ولكن جونسون أعلن آنذاك أنه عمل لوبيا ضد استفتاء شعب كوردستان .
المفارقة هنا في اسكتلندا فهو يؤيد نتائج الاستفتاء وفي كوردستان يقف ضده، بأي معيار سياسي يقيس الأمور السيد جونسون، حيث جاءت زيارته رغم انتقادات كثيرة في هذه الظروف التي تمر بها المملكة المتحدة من وباء الكورونا وتقيد السفر والزيارات.
عجيب أمر مدعي الديمقراطية والمدافعين حقوق الشعوب فى تقرير مصيرها بعد حدود سياسية ظالمة أعادت بهم بلدانهم الاستعمارية رسم خرائط مناطق عدة لم تستقر بعدهم.
إن موقف جونسون لم يخرج عن سياق تفكير تاريخي لبلدان أدرك قادتها خطورة استقرار ونهوض شعوب وبلدان بعد استعمارها فسعوا إلى تعميق الشقاق داخلها بين طوائف وأعراق يدعو بعضها للحوار والتسامح ولا يبتعد بعضها عن العنف والاحتكار.
إن جونسون لم يبتعد بموقفه عن تفسيرات شتى لمقولة القائد البريطاني وينستون تشرشل الشهيرة بعد الحرب العالمية الثانية "الآن استعدوا للتعامل مع أجواء مختلفة فى منطقة جديدة نرسمها اسمها الشرق الأوسط"، وها هي المخططات تلو الأخرى تستقبلها الشعوب من بلدان وحكومات وقادة لم يبتعدوا عن سياسات وأفكار أسلافهم.