يبدو للمتتبع ان خارطة التغيير الديموغرافي متفق عليه روسيا اوروبيا، والذي هو مشروع ارضاء أمريكي لطفلها المدلل العاق في الوقت نفسه، والذي يتماطل في تأديبه خوفاً من تمرّد عمامات قم، وتوسعه للخروج من تحت السيطرة، وكذلك بتبريك من الأمم المتحدة الظاهر من تحفظها لإظهار الأرقام الحقيقية للآجئين في تركيا، والذين غادرو سوريا عبر جسر الشغور وجرابلس على الأقدام، ليعيدهم السلطان الأعرج عبر سري كانيي وكري سبي الكورديين، بحافلات تركية .
كل هذا يلمع بريقه في ما إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن بدء العمل إسكان مليون شخص قسريا في مدينتي تل أبيض ورأس العين، في حديثه أمام وزراء الشؤون الاجتماعية بمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، مشيراً تقديم الدعم لإنشاء مناطق سكنية جديدة في الشمال السوري، الذي هجّر منها آلاف الأسر الكوردية، وسط صمت دولي مقيت.
وادعائه أن عدد اللاجئين السوريين المقيمين على أراضي تركيا، يتعدى الـ 3.6 مليون، مهددة اوروبا ودول اخرى بفتح قنوات لعبورهم إليها، الأمر الذي يتظاهر به الغرب بالرعب من هذا التهديد، في الوقت الذي لا يأبهون بمرور قوافل الإرهابيين بعد تهيأتهم وتجيهزهم في محطة الإعداد(تركيا) بوصاية غربية، لتصديرهم الى سوريا وتحديداً المناطق الكوردية منها ليعيثوا فيها فساداً وقتلاً، وإباحة كل محظور بحق الإنسانية، دون أن يرأف لهم جفن، أو أن تلتفت اليها الدوريات المتلاحقة لدُعاة رعاية الأمن (الروسية)، من ارتكاب هذه الجماعات لجرائم ضد الإنسانية، طالت التراب والبشر والحجر والشجروالمواعين والطناجر.
ويجدد أردوغان أن بلاده لا تستطيع تحمل أعباء السوريين الموجودين على أراضيها، والمقيمين بالقرب من الحدود التركية البالغ إجمالي عددهم 9 ملايين، مذكّراً بأن الاتحاد الأوروبي لم يقدم للاجئين السوريين سوى 3 مليارات يورو، بينما تجاوز ما أنفقته تركيا عليهم 40 مليار دولار، حسب قوله، دون أن تهز شعرة من أذان المفوضية العليا للاجئين، التي يفترض ان تكون لديها الإحصاءات الدقيقة لأعداد اللاجئين، والأرقام المعتمدة للمِنَح التي تنفقه كل دولة من الدول المانحة، ليدل لنا تواطؤها هي الأخرى في خطة بسط النفوذ على الأراضي الكوردستانية، ولتسهيل عملية القضم التدريجي التي بدأ بها الترك، بعد وساطة أميركية ثم اتفاق مع روسيا لإجبار قوات ال(قسد) من الكورد الإنسحاب من المنطقة الحدودية وتسيير دوريات مشتركة فيها، في غياب تام للنظام السوري الذي يستدعي السيادة الوطنية، والمنتهية بتأليف روايات الإتهام وتوجيهها للكورد من تسهيل التدخل الخارجي تارة، ووصف الشعب الكوردي بالإنفصال تارة أخرى، رغم اتجاههم الواضح والجلي في جميع الميادين بالمطالبة بسوريا اتحادية والذي كان آخرها في رسالة المندوب الكوردي في لجنة صياغة الدستور السوري بجنيف.
و بهدف العمل على تغيير هوية المناطق الأصلية عبر ممارساتها في التغيير الديمغرافي بدأت السلطات التركية بالفعل تنفيذ عمليات "تهجير اللاجئين" إلى تل أبيض، وتم نقلهم من جرابلس إلى الحدود مع تركيا ثم إلى تل أبيض بصحبة مقتنياتهم ، بحجة أنهم يعودون إلى "مناطقهم الأصلية" عبر تركيا، والعمل على توطين لاجئين ممن لديها بالتنسيق مع الأمم المتحدة، وبشتى الوسائل في مسعى مشترك، لتغيير هوية المناطق التي سيطرت عليها الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقية في المنطقة، حيث أن العلم التركي تعلو أسطح منازل الكورد التي سلبت من أصحابها بعد إرغامهم على النزوح، إثر الغزو الهمجي للمرتزقة والمسلحين الموالين لتركيا من المعارضة السورية، باسم الجيش الوطني السوري، وهنا يأتي المفارقة الكبرى،( ليبقى الإحتلال التركي لمدن سورية وتهجير سكانها وقمعهم، ورفع علم دولة أجنبية)، كلها في أعين الشركاء من المعارضة أعمالاً وطنية مع التحفظ بصفة الإنفصاليين مختصرة على الشعب الكوردي .
ورغم تصنيف الدول الأوروبية التوغل العسكري التركي في سوريا على أنه احتلال، إلا أنها لم تصف ما يجري تغييرا ديموغرافيا على اساس عرقي، وانها ترتقي الى ايداعها لمحاكم دولية.
يحصل كل هذا والشرطي الأمريكي منشغل في تحديد تواجده على المرج الأسود للنفط السوري، وسط حذر شديد من احتكاك جنبه بالذيل الإيراني الذي يمده الى دمشق عبر الحدود العراقية السورية المشتركة، ومخافته من فضح حجم المؤامرة التي حيكت بهمة شركائها الروس والأوربيين حيت وكلت مهمة تنفيذها للسلطان أردوغان، والذي لم يفلح في الإيفاء به بالمدة المحددة، ليتفاقم الأمور، مما استدعت الإدارة الأمريكية إرضاء حليفتها الإستراتيجية المنتمية للناتو، وعدم التفريط بها على حساب ثلة عهود شفهية اطلقتها لقوات كوردية كانت تمدها بالعتاد في حربها مع الإرهاب، والتي انتهت بتغريدة من ترامب ليقول( الكورد ليسوا ملائكة.. وأن قوات بلاده ليست شرطة تحرس الحدود، مشيراٍ الى حجم الدعم الذي أمدهم بها بالقول:" الولايات المتحدة أنفقت أموالا طائلة لدعمهم، سواء على صعيد الأسلحة والذخائر أو المال".
ولتبقي هي الأخرى ال(قسد) تدور في متاهة دعوة كل من واشنطن وموسكو إلى "تنفيذ التزاماتهما ووضع آلية لعودة السكان الأصليين". حسب بيان لقيادة القسد.
إلا أن أمراً طفيفاً اختلف في مجلس الشيوخ الأميركي، على فرض عقوبات على تركيا، ولكن بعيداً عن سلوك أردوغان المتغطرس في المضي بسياساته في دول الجيران، إنماعلى امتلاك بلاده لمنظومة الدفاع الروسية "إس. 400".
فقال السيناتور الجمهوري جيمس ريتش إن قرارات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "أخذ تركيا في طريقٍ سيئ و تحمل نتائج سيئة ومؤلمة لتركيا "، ملوحاً بفرض عقوبات على تركيا.
لكن هناك في حديثه المبطن إشارة الى أن ما أداه الرئيس التركي لم يكن بمنأى عن المشورة الأمريكية، وأن المماطلة التي تتولاها ليس إلا برهاناً على أن الخطوة شارفت على النهاية، وأن الجولة انتهت لصالحها ويتبعها ملحق من الأحداث التي تبرر مغادرتها، ويجيب عليها السيناتو ريتش بالقول: "لقد كانت تركيا حليف عظيم لنا على مدى السنين، لكن الرئيس أردوغان أخذ البلاد في طريق سيئ، مفترقاً عن حلف الناتو ومقترباً من روسيا، إذا أراد فعل هذا هو حر، لكن هناك تبعات".
وتبقى التبعات في الجولات القادمة من القضم التدريجي للمنطقة، حيث تستنجد الضحية بالجاني ..
رفعت حاجي.. Kurdistan tv