الأنفال هي السورة الثامنة من القرآن الكريم , ومع ذلك استخدم النظام سورة الانفال كـ وسيلة للتغطية على ثمانية مراحل اجرامية، كان الهدف منها ابادة مكون رئيسي من مكونات المجتمع العراقي، مكون يعتنق 95% منهم الدين الاسلامي الا وهو المكون الكوردي ...
الدكتاتور صدام حسين شارك شخصيا في الجوانب العملياتية لجريمة الانفال، من خلال مكتب رئاسة الجمهورية بأعتباره القائد العام للقوات المسلحة، إلا ان السلطات العليا لتسيير شؤون كوردستان، انيطت علي حسن المجيد، من خلال تسليمه منصب أمين سر مكتب تنظيم الشمال لحزب البعث، في 29 آذار 1987م، وبذلك تم منحه الصلاحيات المطلقة للتصرف في كوردستان، الأعدامات الجماعية و تدمير القرى وتسويتها بالارض، وتهجير الكورد ونهب اموالهم وممتلكاتهم، اصبح الشغل الشاغل والسياسة التي يتبعها علي الكيمياوي المهوس بالعنف والدم ...
لم يكتفي ابن عم الدكتاتور بذلك ، فبدأ بحجز الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ لفترات طويلة، ودمر البنية التحتية لكوردستان، ووصلت سياساته العنصرية لذروتها بتنفيذ عمليات الأنفال، بمراحلها الثمان، استخدم خلالها الاسلحة الكيمياوية من الخردل والسيانيد وغاز الأعصاب والفسفور، راح ضحيتها 182 الف مدني كوردستاني.
في الرابع عشر من نيسان عام 1988 بلغت عمليات الأنفال الى ذروتها من حيث فداحة الجرائم، والفضائع التي ارتكبتها قوات النظام الدكتاتوري، شملت معظم المدن والقرى الكوردستانية، خلال هذه المراحل كانت الشاحنات العسكرية تقف على أهبة الاستعداد، لنقل القرويين الى مراكز و معسكرات الاعتقال حيث يجري فصل النساء والأطفال وكبار السن، عن الرجال الذين ينقلون الى حيث لقوا مصيرهم المجهول...
لم تكتفي القوات العراقية بقتل آلاف المدنيين ونهب ممتلكاتهم، فـقامت بتدمير حوالي 4500 قرية وقصبة كوردية، سُويَت أكثرها بالأرض.
بعد سقوط النظام توفرت تقارير كثيرة، تشير الى دفن عشرات الآلاف منهم في الصحراء الغربية على الحدود السعودية و الأردنية، وحدد بعض الناجين من مسالخ الأنفال مواقع عدد من المقابر الجماعية، بالقرب من الرمادي و قرب مدينة حضر التاريخية، جنوب الموصل و في صحراء السماوة، الأمر الذي سهّل من مهمة حكومة اقليم كوردستان، في الكشف عن تلك المقابر الجماعية، وقامت بأعادة رفاتهم في مراسيم مهيبة الى ارض السلام كوردستان، التي اصبحت فيما بعد ملاذا للعراقيين رغم محاولات الطمس والابادة تلك .
اصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا الخاصة بجرائم الانفال، في 24 حزيران 2007، احكاما بالاعدام على، علي حسن المجيد، واثنين من كبار ضباط الجيش العراقي، (سلطان هاشم وحسين رشيد التكريتي )، هذه الاحكام هي في حقيقتها تهرب من المسؤولية الاخلاقية، فهي بمثابة القول: ان "المحكوم عليهم ، هم الجناة الحقيقيون وليست السلطة الحاكمة التي اورثت افعالها المشينة للحكومة الحالية"، إذ كان يفترض بالحكومة العراقية تحمل المسؤولية عن جرائم سلفها، وتقديم الاعتذار الرسمي وتعويض ذوي الضحايا، وفق ما هو معمول به في دول العالم.