حسن سنجاري
من المسلم به أن جميع الإتفاقيات التي تبرم بين طرفي النزاع هو من أجل تحقيق غاية وأهداف قابلة للتطبيق وفق آلية مدروسة ومعلومة بنتائجها ومعطياتها لكن الذي حدث في الحادي عشر من آذارلا يرتق الى مستوى الإتفاقيات لعدم الإلتزام بها من قبل أزلام النظام البائد لغاية في نفس يعقوب قضاها , فتأريخ الكورد حافل بالمحطات النضالية المشرفة من خلال مقارعة الأنظمة الدكتاتورية بشتى أساليب المقاومة الشريفة والتي تحمل في طياتها مواقف بطولية تصل الى مستوى التضحية ونيل الشهادة من أجل الدفاع عن أرض الآباء والأجداد بعد أن نهل المخلصين لقضيتهم القومية من مبادىء النضال والفداء من مدرسة البارزاني الخالد وسطروا أروع صورة من صور التفاني والتضحية لشعب عانى من جور وظلم الطغاة على مر السنين من أجل حق تقرير مصيره كباقي شعوب العالم الثالث المحبة للسلام والديمقراطية والتعايش السلمي , وكان ولابد للنظام البائد من الرضوخ للمطالب الكوردية بعد سنوات من الدفاع عن حقوقهم المشروعة وعن طريق النضال المسلح لتبدأ مرحلة التفاوض ليتمخض عنها إتفاقية الحادي عشر من آذار بعد مخاض عسير ومفاوضات ماراثونية لتنهي بذلك حقبة الإقتتال الداخلي كإعتراف بالكورد لأول مرة على الساحة السياسية في ظاهرها ومنحهم بعض الحقوق بضغوط دولية لإستقرار العراق والمنطقة برمتها , وفي باطنها إنتهاز الفرصة لحياكة المؤامرات والدسائس من أجل إجهاض المشروع القومي الكوردي وإغتيال قيادته السياسية كما حدث في السابع من كانون الأول من عام 1970 إطلاق الرصاص على سيارة الشهيد إدريس البارزاني أثناء زيارته لبغداد , وفي عام 1971 قامت زمرة من الذين يمثلون علماء الدين زوراً وبهتاناً بمحاولة أغتيال الأب الروحي للكورد الملا مصطفى البارزاني في مقر إقامته بحاج عمران وفي هذه الإتفاقية إعترفت الحكومة العراقية ولاول مرة في تأريخها بالحقوق القومية للكورد مع تقديم ضمانات لهم بالمشاركة في الحكومة واستعمال اللغة الكوردية في المؤسسات التعليمية ، ولكن مع الأسف لم يتم تحقيق أي بند منها , خاصة بعدما أعلن البارزاني الخالد رسميا حق الكورد في نفط كركوك ,حيث أعتبرت الحكومة العراقية كإعلان حرب وهذا ما دفعها في آذار 1974 م إلى إعلان الحكم الذاتي من جانب واحد فقط , وما أشبه اليوم بالبارحة والصراع على مدينة كركوك والتغيير الديموغرافي مستمر من خلال سياسة التعريب الممنهجة التي يمارسها المتنفذون في كركوك والمناطق المتنازع عليها بحجة فرض سلطة القانون فيها.
وبعد أربع سنوات من بيان 11 آذار1970 ، إستجمعت الحكومة العراقية قواها ، وعقدت العديد من الاتفاقيات لشراء الأسلحة من دول الخارج , وفي تلك الفترة خططت سراً لاتفاقية الجزائر، لتستطيع عبرها إفشال الثورة الكوردية المسلحة والمعروفة بثورة أيلول المباركة , الا أن ثورة أيلول لم تفشل بل إستؤنفت من جديد باستكمالها بثورة كَولان التحررية عام 1976 وهكذا ظل بيرق كوردستان خفاقاً عالياً يرفرف في سماء كوردستان بقيادة المناضل مصطفى البارزاني الخالد ورفاقه المناضلين الذين ضربوا أروع الامثلة في ملاحم البطولة والفداء التي خلدها التاريخ بعد أن تعلم الكورد دروساً قاسية من تلك التجارب المريرة مع الحكومة العراقية ذات النظرة الشوفينية لكل من يخالفهم بالرأي .