صبحي ساله يي
يقول الإمام علي بن طالب رضي الله عنه: (حين سكت أهل الحق عن الباطل توهّم أهل الباطل أنهم على حق).
صدق هذا القول الثري ينطبق تماماً على الواقع السياسي الكوردستاني في ظل ما يحدث من معركة تضليل العقول وغوايتها أثناء الحملات الإنتخابية الحالية، إستغلالاً للأجواء الديمقراطية حيث يشتدّ عود الكثيرين وتتعالى أصوات المقاربات السياسية المغايرة الداعية إلى تركيز النظر على شىء معين، وتجاهل أشياء كثيرة، وإنخراط البعض(سهواً) بالشأن السياسي، ووصف أنفسهم بأسماء تحشر متراصةً كالمحللين والمراقبين السياسيين، وتهافت بعضهم على وسائل الإعلام على طريقة ظهور وعاظ السلاطين، واستعمال كافة أنواع الأسلحة ضد الحزب الديمقراطي الكوردستاني ورئيسه مسعود بارزاني، للنيل من القيمة الكمية والنوعية ومنزلة هذا الحزب الوطنية. حيث نرى العجائب ونسمع الغرائب، ونرى الفاشلين يعيثون في الأرض فساداً وهم يفقدون توازنهم الأخلاقي، والكذابون يتمادون ويستمرون في نشر أوهامهم، وفاقدي الذمة والضمير ينثرون ويشيعون أفكاراً باطلة وهدامة من خلال حملة التضليل الأكثر شراسة والإدعاء بالقدرة الكبيرة على إخضاع الآخرين لشهواتهم وتخيلاتهم، والتحدث عن السلبيات فقط، والبسطاء يصفقون لهم ويزينون لهم سوء أفعالهم ويحسبونهم أصحاب حق.
وفي المقابل نرى صمت وسكوت أهل الحق وأصحاب الرأي الصحيح. أما لأنهم يلتزمون بمبادىء وقيم عالية تمنعهم من الرد على السفهاء ولا يقولون كل ما يعلمون، أو يراعون أذواق الناخبين والمصالح الوطنية والقومية العامة ويقدمون الأهم في المضمون على المهم في الشكل، أو لا يعتبرونهم أنداداً لهم، وهم على ثقة بأن قافلتهم تسير بإرادة فولاذية، رغم إستماعهم للأصوات المتعجرفة، ولا تنقص إدعاءات وسهام المفترين شيئاً من أهميتهم. وفي تلك الحالة يمكن أن تكون الحقائق هي (الضحية)، لأن الناس في أوقات الصراع ومزايدات التطمين تصدق في أحايين كثيرة كل ما تهوى من أخبار ومعلومات وإن كانت كاذبة ومضللة، وبعضهم يتحيز لها دون تمحيص ويدافع عنها و يتبنى الشعارات الخيانية المختلفة التي تدمر وتبرر وتطيل أمد الصراع بأدوات مختلفة من أجل تأجيج الخوف، وإضعاف الهمم .
ولكن الذي ينظر إلى الأحداث أياماً طويلة بعقلية متوازنة، قبل أن يسمح بنشر الحقائق. ويستخدم مفهوم المانع الأخلاقي لمنع أتباعه من الرد بثقة على المفترين، وهو على يقين بأنهم ( أتباعه) يملكون العشرات من المفردات والأقوال والحجج والمستندات التي تدمر خلفيات ومواقف بعض السياسيين. يستطيع أن يفاجىء الجميع ويقول لهم (كفى).
هذا ال (كفى)، قالها نيجيرفان بارزاني وسط جماهير غفيرة من كوادر وأعضاء ومؤيدي الحزب الديموقراطي الكوردستاني في مدينة السليمانية، مدينة الشهداء والمضحين بأرواحهم في سبيل الوطن. قالها، مخاطباً جميع الذين يعشقون المغامرة وإخترقوا المعايير والأعراف المتفق عليها والقريبة إلى التقاليد التي وضعها الكوردستانيون الأوفياء لدماء الشهداء على مر السنوات السابقة، خاطب الذين يتبنون الإرهاب الفكري واطلاق الاتهامات الباطلة عن الديمقراطي الكوردستاني الذي يناضل من دون كلل أو ملل طوال سبعة عقود متتالية. خاطبهم وهو يعرف عما يتكلم، وما يدور في الذاكرة الوطنية ودور مختلف الفاعلين فيها ومكانتهم منها، على اختلاف انتماءاتهم السياسية والاجتماعية. ولكنه لم يقل للمتورّطون في اللعبة السياسة وتجاذباتها وعداواتها، أنه في السياسة، يمكن توقع غير المتوقع في حال عدم الالتزام بشرط الموضوعية وإنتهاج السبل الإستفزازية .
قراءة الأحداث الأخيرة تؤكد أن هذا ال( كفى) تحذير يقترب من التحقق، ولكن متى وأين يكون الرد الصاعق؟ ذلك غير محدد حتى الآن ، وقد يبدأ في الوقت المناسب وطبعاً سيكون مستفيقاً وصادماً وموجعاً لناكري الجميل.
صبحي ساله يي