السنينُ عِجاف والجيٌف ملقاة على رصيف الانتظار, كامو أطاح بتمرده واعتزل حتى اللقاء, ورينوار مزق لوحاته العبثية وأطاح بألوانه ذات اليمين وذات الشمال, غوغول خلع معطفه ومزقه بيديه رغم زمن الجليد القارس, وديستويفيسكي ضحك وهو ينظر إلى وجهه في المرآة, بعد أن بصق على معتوهه الذي أضحى أضحوكة في زمن اللاجدوى, وكل الأغبياء ومنهم أنا أصبحوا يتأملون ظهور غودو الذي غاب ولن يأتِ, لن يأتِ,, مالكم تكاكأتُمْ؟ إنما الحيزبون والدردبيس والطخا والنقاح والعلطبيس والغطاريس والشقحطب والصقعب والعفنقس والعفلق,, يتكالبون على قطع تذكرة الكراهية بين الروح والجسد في رحلة ال One way ticket ليجثموا على أنفاسنا التي هدها الإعياء من فرط القهر والغضب والصمت المطبق حتى الموت.
أيها النفق,, يحكون عن النور في عمقك الأزلي,, يحكون عن سراب الصحراء المنسية في ذاكرة الوهم الأبدي,, يحكون عن الأمل, أي أملٍ في ألمٍ مستشرٍ حتى النخاع في جسد الحقيقة؟ أي حُلم نريد أن نحققه في غابة الحقد الدموي المستقر بين أضلع الناس؟ يتحسسونه في ظهرانيهم وصباحاتهم وحتى لياليهم المعطرة بعطور ما أنزل الله بها من سلطان,, أي دم فاسد يخنق قصبات أجسادنا المهترئة نريد إخراجه عنوة؟ أيُ حبرٍ يغتصب أصابعنا وندعوه بالتروي حتى لكأننا نسكته ونقمعه بالرغم منه؟ ثم نهز رؤؤسنا كالدراويش لننظر للنفق ونتوسله عله يُنجدنا؟
يا لنا من منافقين أفاقين قذرين شامتين شتٌامين حتى الثمالة, وفي نار الخزي نحرق بأيدينا كل أغصان الزيتون؟
أين أنت يا زوربا؟ أما آن لك أن ترقص رقصتك الأخيرة؟ في عرضك الأخير,, في يومك الأخير,, أما آن لك يا بيكيت أن تقف على قدميك؟ ألا من شريف يمنع نيرون من حرق روما مرة أخرى؟ تُراني أناطح صخرا برأسي الفارغ هذا؟ هل أكسر نظارتي حتى لا أرى قُبح الأشياء واضحة هكذا كما الشمس؟ أأستعين بتفاهات الأشياء حتى أحمي آدميتي؟ أحمي وطني,, تُعسا للجغرافيا فهي لا تعنيني,, الحب هو وطني الذي يحتويني لا غير ,, طُز طُز طُز في كل شيء, وأول شيء طُزٌ فيك يا من يسمونك وطنْ, وأنت قد غدوت خرقة بالية تحوي بقايا لحمنا الفاسد لتتكالب عليها قطعان آل حيوان من كل صوب وإتجاه, مزقوا حروفك ومزقوني,, قتلو تأوهاتك وقتلوني, نحرو عروقك ونحروني,, وما تبقى منك أغرى مصاصي الدماء فتناوبوا عليك,, تناوبوا حتى تهالكوا,, تهالكوا حتى دخلوا الكوما,, دخلوا الكوما حتى إستفاقوا, وما ن إستفاقوا حتى نهضوا من أبديتهم ليمزقوك مرة ومرة ومرة أخرى,, قبحا لك يا وطن يا يا يا حُب,, لأنك إستسلمت للحقد وللحاقدين وأخليت لهم ساحاتك كلها, ولا زال حلمك يا مارتن لوثر كينك لم يتحقق كما هو حلمي, وكما هو حلم البعران, لماذا لا ندخل الكهف وننام كأهله مئات السنين ثم نستفيق؟ يا الله يا من تدعي بأنك خالقنا؟ أما آن لك أن تتدخل؟ الستَ الحيٌ القيوم؟ علٌ طيف الأمل يبقى طيفا ولا يرعوِ في زاوية النسيان كما هي ذاكرتي التي غطاها العفن وأنا مكره لا بطل.
متى أرى الناس تحب بعضها؟ هل يحتاج الحب إلى يوم خاص؟ هل ترانا سنشتاق إلى يوم الفالانتاين في كل سنة؟ تطاولت على واقعية الأحداث, وحَلِمت وسألتُ تينك السؤال,, وجاءتني ضربة على رأسي أفاقتني من حلم كان يراودني, وكبلني الجلاد وأطعمني زقوما أعاد لي حجمي,, لا تتنفس فأنت في الوطن,, لا تتكلم فنحن في معركة ضد الشياطين,, (الشياطين تحارب بعضها,, يا للهول) لا تَحلُم,, فمساحة حبك الحالم هي أوسع من أن تحتويها خارطة بلد بحجم الوطن,, فالسادة الذين يحكمون بأمر الله, أو حتى المغموسون في جهالات القرون الوسطى منهم بالتبني, لهم رأي آخر, أجل لهم رأي آخر, فما العجب في ذلك؟ هكذا صرخ في وجهي الجلاد وقال معقبا وبغضب, وهل أنت معترض؟ لم أرُدٌ على ذلك السؤال لأن رأسي كان قد فُصل بعيدا عن جسدي وكان يتدحرج على سلم الحرية, فبروتس كان واقفا هناك يضحك.