هناك عدة عوامل جدية والتي ادت الى اتخاذ هذا القرار التأريخي من قبل اغلبية الاحزاب الكوردية بريادة السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان، لاجراء استفتاء شامل بهدف اعلان استقلال كوردستان في اقرب وقت ممكن و احسن ظروف مهيأة. احدى اهم العوامل هي تلك المرحلة الجديدة بعد ازالة داعش وارجاعها الى حجر التأريخ الحالك الذي اخرجوا منه. ما اشبه هذه المرحلة بتلك المرحلة الماضية بعد سقوط نظام البعث، انذاك انحلت الحكومة العراقية واليوم انهمكت وهي على حافة الانهيار، بسبب ابعاد المكون السني عن السلطة الحقيقة وتعديم وجودهم الفعلي وابادة المدن السنية وهجرة معظمهم الى كوردستان و الكثير منهم الى دول اخرى، وذلك ادى الى تسلط المكون الشيعى على زمام السلطة ومجريات الامور فى العراق، ونرى تعجرفا و تعسفا كبيرا بحق المكون الكوردي، اذ يحسبونه اقلية من الدرجة الثانية و في أي وقت اذا ما ارادوا تمرير قرار سيلجؤن الى قانون الاغلبية فى البرلمان العراقي وهذا مغاير تماما مع الاتفاق الدستورى المبني على اساس الشراكة بين المكونات الرئيسة.
العامل الثاني هو ان الحكومة العراقية في بداية حقبة الجعفري والمالكي قد بدؤا بمحاربة الحكومة الكوردية فى الاقليم، ولم يحصل الكورد على ما يتمناه ان يبقى فى عراق ديمقراطي فدرالي يضمن حقوق الكورد، بل ارادوا ان يهدموا ما بناه الكورد بدماء الشهداء والنضال المديد في المائة السنة الماضية! حاربوا الاقليم فى نواحى كثيرة منها: عدم احتساب نفقات البيشمركة داخل ميزانية الجيش العراقي، قطع ميزانية الاقليم كاملا ووضعوا الاقليم فى اشد واكبر المازق. والتغضى المتعمد ايضا للبدء بحل مشاكل المناطق المتنازعة عليها علما بانها مناطق كوردستانية محتلة والطائلة تحت عمليات تعريبية مبرمجة في زمن النظام البائد.
العامل الثالث هو ان الاقليم قد فقدت الاواصر و الارتباطات بالعراق كدولة، من الناحية الدستورية والسيادات الفعلية التي تضمن الحقوق الكوردية و تحصل به متطلباته الشرعية، وكل ذلك بسبب الاستمالة المتعمدة من قبل الحكومة العراقية في حضن تلك العقلية التى تحكمها.
العامل الاخير هو أن الكورد كشعب كسائر الشعوب الاخرى ذي المقومات القومية واللغوية والجغرافية والثقافية المستقلة بذاته، له الحق ان يعيش في ارضه تحت سيادة دولته المستقلة والمعترفة بها دوليا كأي شعب من الشعوب الاخرى مثل الشعوب العربية الذين يتمتعون بوجود اكثر من عشرين دولة. والواقع العراقي في السنوات الماضية قد اثبتت ان التمسك بوحدة العراق ورفع شعار اتحاد العراق ارضا وشعبا فشلت وستفشل الى الابد، و له الحق ان يعلن دولته المستقلة في أى وقت وفي أي ظروف يستحسنه.
والان تبلورت ارادة الكورد على انه ان الاوان لينال مبتغاه المشرفة باعلان دولة مستقلة كوردية فى الشرق الاوسط الذي في وضع هيجان و مخاض يستوجب ان تعدل بخارطة جديدة وولادة جديدة وهي الدولة الكوردية، والاعلان سيكون عن طريق قانوني ومقبول دولي ألا وهو الاستفتاء الشعبي.
الاستفتاء هو إجراء من إلاجراءات الديمقراطية قوامه اقتراع عام مباشر يدعى إليه الناخبون للفصل في قضية تخصهم ويعد هذا المفهوم من أهم ركائز وتجليات الديمقراطية المباشرة وهو وسيلة يمكن من خلالها معرفة راي الاغلبية العظمى من الشعب.
الاستفتاء الذى اتخذ القرار بشأنه من قبل الشعب الكوردي هو استفتاء شعبي سياسي بقصد استطلاع رأي الشعب فيما يتعلق بحق تقرير المصير الذي يرمي إلى تخير الشعب بين الاستقلال أو التبعية لدولة العراق. ولا ارى اية انتهاك لحقوق دولة العراق وليست هناك اي معترض قانونى و دولي لانه جاء في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم 1514 في 14/كانون الأول / 1960 حول إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة لرسوخ أيمان شعوب العالم بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الإنسان وبالمساواة، وإيجاد الظروف التي تتيح الاستقرار وإقامة العلاقات السلمية على أساس احترام مباديء المساواة بين الشعوب في الحقوق وحقها في تقرير مصيرها .
وحق تقرير المصير انما هو جزء أساسي ولا يمكن فصله عن المباديء العامة لحقوق الإنسان، وهذا الحق أيضا نتيجة لتضحيات الشعوب المضطهدة للإقرار بهذا الحق، بديلا عن سيطرة مجموعة بشرية على مجموعة أخرى بأي شكل كان .