عبد السلام برواري
ضابط في الجیش العراقي کان خلال عملیات الأنفال (١٩٨٧-١٩٨٨) برتبة عقید، یقول:
"لن أنسی هذا المنظر طوال حیاتي"، ویضیف: "بینما کنا نقوم بتحمیل النساء والأطفال والرجال المسنین من الکورد في العربات العسکریة، وعندما وصلنا إلی منطقة صحراویة في غرب البلاد، وبدأنا بتفریق النساء والأطفال عن الرجال، لاحظت أن طفلة جمیلة في الرابعة من عمرها تربت علی ساقي وتشیر إلی قدمیها، ثم إلی العربة التي أنزلناها منها. کانت تنتعل في إحدی قدمیها حذاءً أحمر اللون وکان کل همها في ظل هذە المأساة، أنها قد فقدت فردة حذائها.
وعندما نظرت إلی العربة التي کانت تشیر إلیها، رأیت حذاءها الآخر داخل العربة، فأمرت أحد الجنود بإحضار الحذاء وأعطیتە للفتاة، التي نظرت إليِّ وقد ارتسمت ابتسامة فرح علی محیاها الملاکي الجمیل، یبدو أنە قد تم شراء هذا الحذاء لها حدیثاً لذلک کانت متعلقة بە.
بعدها افترقنا ولم أر الطفلة مرة أخری. و لکني بعد أیام وخلال استطلاع روتینی للخنادق التي تم دفن الکورد فیها، لاحظت زوج حذاء صغیر علی التراب الموجود علی حافة إحدی تلك الحفر، عندها أدرکت بأنە قد تم دفن هذە الطفلة الجمیلة مع أفراد عائلتها في ذلك الخندق.
لم أتمالک نفسي عندما رأیت الحذاء الأحمر و تذکرت الوجە الملائکي البريء للطفلة الکوردیة وتساقطت دموعي بغزارة.
وإلی الیوم، و بعد مرور کل هذە السنوات، وکلما مررت بسوق أو محل لبیع الأحذیة ورأیت حذاءً صغیراً باللون الأحمر، أتذکر تلک الطفلة الکوردیة الجمیلة ذات السنوات الأربع، التي دفناها مع أهلها وتملأ الدموع مقلتيَّ.