حسن شنگالي
بالأمس القريب ناضل الشعب الكوردي ضد الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة على إدارة الدولة العراقية، لعدم الإعتراف بحقهم في تقرير المصير كأي شعب من شعوب العالم الثالث، خلافاً لما كفلته الأعراف والمواثيق الدولية، بغض النظر عن الإثنية أوالعرق أواللون أوالإنتماء أوالدين أوالثقافة، وإعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية مع سبق الإصرار والترصد، وإتخاذهم حقل تجارب لأسلحتهم الفتاكة والمحرمة دولياً، حيث وقفوا صفاً واحداً بوجه الطغاة، إيماناً منهم بعقيدتهم وحقهم الشرعي في الإستقلال والحرية من خلال فوهات بنادقهم البدائية الصنع، حتى رضخت الحكومة آنذاك لمطالبهم ليبرموا إتفاق الحادي عشر من آذار عام 1970 ويمنح بموجبه الكورد حكماً ذاتياً على مدى أربع سنوات من تأريخ تنفيذ بنود الإتفاقية، لكن النظرة الشوفينية المقيتة حالت دون تنفيذ الإتفاقية، ووأدتها في مهدها لتبدأ مرحلة النضال المسلح .
فكوردستان اليوم ليست كوردستان الأمس برجالها وقادتها ومناضليها، نتيجة للتطور والتقدم الذي حدث على جميع المستويات والنقلة النوعية لجميع مؤسسات الدولة والثورة الثقافية، التي إجتاحت الإقليم بعد إجراء أول إنتخابات تشريعية وتشكيل أول برلمان وحكومة كوردية، وتميز الشعب الكوردي بالتسامح وتعطشه للسلام والتعايش المجتمعي، من خلال مشاركة جميع الكوردستانيين بمختلف مللهم ونحلهم في الكابينات الوزارية لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين .
لقد خاض الحزب الديمقراطي الكوردستاني تجربتين إنتخابيتين وبنجاح ساحق، على مستوى العراق والإقليم بعد أن راهن مراهقوا السياسة على فشله وإمكانية خروجه من الساحة السياسية الكوردستانية، وفقدانه لثقة الشارع بعد إجراء الإستفتاء الشعبي على الإستقلال، في الخامس والعشرين من أيلول 2017 ليثبتوا للتأريخ ولكل الشوفينين والمعارضين والذين لا يريدون الخير للكورد وكوردستان، نظرتهم الضيقة للأحداث وفشلهم الذريع في تحليل الواقع السياسي الكوردستاني، متناسين التأريخ النضالي للحزب ومدى تأثيره على الساحة السياسية، من خلال تمتعه بقاعدة شعبية واسعة وبقيادات شابة متحمسة مفعمة بالعقيدة والوفاء لدماء الشهداء، التي سالت على أرض الأجداد لتمسك بزمام الأموروتقود الإقليم الى بر الأمان .
حسناً فعلت قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني لترشيح شابين مناضلين، نهلا من مدرسة البارزاني الخالد مبادىء الفداء والتضحية والنضال، لقيادة إقليم كوردستان في هذه المرحلة الحساسة من تأريخ العراق، كيف لا وهما سليلا العائلة البارزانية المناضلة التي عرفت الكورد بالعالم وهما السيدان نيجيرفان ومسرور البارزاني، ولما يتميزان بالكفاءة الإدارية والحكمة والحنكة والدهاء والفطنة السياسية، من خلال التجربة الناجحة لهما في إدارة الدولة في سنوات الحرب والسلم، والأمل يحدو الشعب الكوردستاني بمستقبل مشرق ينتظر الإقليم، بعد أن حاول الأعداء تغيير خارطته وإمكانية هيكلته، وإعادته الى ما قبل عام 1991وكسر إرادة شعبه المناضل وطمس هويته القومية.