صبحي ساله يي
لا يرفع شعار (مكاسب أكثر لكوردستان )، في هذه المرحلة، إلا من قبل أناس يعلّقون آمالهم بالتغيير، على الانتخابات البرلمانية المقبلة، لذلك يؤكدون على أهمية المشاركة فيها ويصفونها بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية، لضمان التغيير، واختيار الأصلح والأفضل، ويملكون مخزوناً من القوة والإيمان والثقة بالنفس.
ولا يرفعه إلا من وصل الى اليقين المطلق بالقدرة على التغلب على كل المشكلات بهدوء وتصرفات وأفعال وأخلاق فاضلة، وبالإتجاه الصحيح نحو إعادة بناء جسور الثقة بين كافة المكونات، وإعادة بناء العملية السياسة وفق برنامج واضح المعالم ومنهج المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، ايماناً بالدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والمؤسسات والعدالة الاجتماعية. وهذا ما أكده السيد نيجيرفان بارزاني، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، حينما رد في حفل جماهيري كبير في إطار الحملة الانتخابية لحزبه في قضاء شقلاوه على الجهات التي تسأل من الديمقراطي الكوردستاني: لماذا تم إجراء الإستفتاء، ولماذا تشاركون في الإنتخابات العراقية المقبلة؟ .. عندما قال (حين أعلنا إجراء الاستفتاء كان شعارنا الحصول على حقوقنا المشروعة عن طريق الحوار وفي اطار الدستور العراقي، وتم إجراء الإستفتاء للحصول على حقوقنا، ونحن لا نريد الحروب، بل نطالب بحقوقنا عن طريق الحوار، لأن الشراكة مهمة بين إقليم كوردستان وبغداد).
من خلال قراءة ما قاله بارزاني، والبرنامج السياسي والأهداف والشعارات المعلنة من قبل حزبه، في هذه المرحلة التي تشهد الحملة الانتخابية، نلاحظ أن المشروع الذي تبلور عنده، ينطلق من الرؤية المنسجمة وغير المتأثرة بالتدخلات الداخلية والخارجية، ويضع الأسس والثوابت للتعامل مع المتغيرات، ويدل على الدبلوماسية العالية والرصيد السياسي الذي يمنح العملية السياسية في العراق وكوردستان نوعاً من قوة الدفاع عن حوار شامل يتسم بالرؤية الثاقبة ويمكن إعتباره المخرج والمنقذ للمستقبل في ظل الظروف والتعقيدات والتحديات والمتغيرات الاقليمية والدولية ومـآلاتها الخطرة، وهذا الظرف السياسي المفصلي الذي يخرج فيه الجميع إما منتصرين أو منكسرين. كما يؤكد على أنه ليس أمام بغداد وأربيل مناصاً آخراً غير الحوار ومعالجة جوهر المشكلات المتمثلة في تفسير الدستور، والاتفاق وترميم العلاقات قبل أن تقع الفأس في الرأس، لأن هامش المناورة مهما توسع لا يسمح بالاستمرار في التهرب والتنصل من حقائق محددة، وعملية اللف والدوران والشد والجذب لإضاعة الوقت، سواء في إنتظار تغير الظروف الإقليمية والدولية، أو طرح أفكار بطرق مملة بهدف فرضها على الطرف الآخر، أو رفضها، أو الإصرار على إشغال الآخرين بأمور جانبية لا علاقة لها بضرورات الحوار.
وتأكيده المطلق على الحوار، بلغة مفهومة ومقبولة، يهدف الى وضع النقاط على الحروف وحسم القضايا العالقة التي أصبحت بمثابة مشكلات مزمنة، حوار يتطلب من الطرفين حسم أمريهما في أكثر من مسألة، الأولى، إمتلاك بغداد الاستقلالية في اتخاذ القرار وإدراك المتغيرات التي غدت واقع حال على الأرض، والتصريح علناً عن الرغبة في خوض الحوار من أجل إيجاد الحلول، والإبتعاد عن المواقف المتناقضة مع الدستور، ومع الأسس الديمقراطية في كل ما يتعلق بالشأن الكوردستاني، والإبتعاد عن ممارسة السياسات العدائية والاستعلائية السابقة التي كلفت الجميع أثماناً باهظةً. والثانية، لقد حان الوقت بالنسبة للكورد كي يشرحوا ما في أذهانهم بوضوح، ويعلنوا عن مطاليبهم التي تتجسد في إستحالة تخليهم عن حقوقهم الطبيعية، والتأكيد على أنهم عازمون ومتشوقون الى شراكة حقيقية تحقق طموحاتهم الوطنية والقومية وأن يعلنوا للملأ ما يريدونه، وما هي سياساتهم كي لا يساء فهمها، بل كي يتم فهمها وتفهمها وتفهم ما في طياتها من رغبات وطموحات، لكي لا تبقى التكهنات أسباباً للخلاف والإختلاف، وتترجم على الساحة السياسية بصور مبعثرة وأحيانا أخرى معكوسة، وبالتالي تجعل الإتفاقات تجميلية وتكتيكية مؤقتة، ونوعاً من تجميد الإختلاف تحت عنوان أو آخر.
صبحي ساله يي